القانون الخاصمقالات متنوعة

الغير من خلف الشاشة إلى قلب العقد الالكتروني-قراءة في الحاجة إلى تأصيل تشريعي- مجلة مغرب القانون

[]

منى بولمكول خريجة ماستر قانون العقود والأنظمة العقارية كلية الحقوق جامعة محمد الأول بوجدة


مقدمة:

شهدت العقود في الفكر القانوني تطوراً عميقاً، من نموذجها الكلاسيكي القائم على تقابل الإرادتين الحرة والمتساويتين، إلى نماذج حديثة باتت تعكس تحولات المجتمع والاقتصاد والتكنولوجيا، وتكشف هشاشة القوالب التقليدية التي حكمت النظرية العامة للالتزامات والعقود، خاصة في ظل الانتقال من النمط الورقي والمباشر إلى التعاقد عن بعد، وما رافقه من صيغ مبتكرة أبرزها عقود التجارة الإلكترونية التي تُعرّف بأنها نمط من المعاملات التجارية التي يُبرم أطرافها العقود عبر شبكة الإنترنت، سواء على المستوى المحلي أو الدولي[1]، حيث تشمل عقوداً تُبرم عبر الإنترنت وتُنفذ خارجه كعقود بيع السلع المادية، وأخرى تُبرم وتُنفذ داخل الشبكة كعقود الاشتراك والخدمات الرقمية[2].

وقد جاء هذا التحول ليس فقط ليُحدث قطيعة جزئية مع الأسس التقنية للعقد الكلاسيكي، ولكن ليُعيد طرح أسئلة جديدة حول طبيعة العلاقة التعاقدية، وامتدادها، وتعدد المتدخلين فيها، خاصة أولئك الذين لا يظهرون كأطراف مباشرة في العقد ولكن لا يمكن تجاهل تأثيرهم عليه، وهم ما يصطلح عليهم فقهاً بـ”الغير”.

 وفي ظل هذا الوضع الجديد، أصبحت العلاقة التعاقدية في البيئة الرقمية غير محصورة بين طرفين تقليديين، بل أصبحت “شبكة” معقدة من التفاعلات التقنية والقانونية والاقتصادية، تدمج منصات الوساطة، ومزودي الخدمات الرقمية، ومؤسسات الأداء الإلكتروني، والهيئات المكلفة بالحماية التقنية والتوثيق الرقمي، بل وحتى خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي قد تتولى بعض مراحل التفاوض أو الإبرام أو حتى التنفيذ، وكل هؤلاء – وإن لم يكونوا أطرافاً في العقد بمعناه الضيق – إلا أنهم يمارسون أدواراً حاسمة في تكوينه أو تنفيذه أو تعديل شروطه أو التأثير في مصيره.

إن هذا التحول العميق يدفعنا إلى إعادة النظر في المفهوم الكلاسيكي للغير، وفي القاعدة الذهبية لمبدأ نسبية آثار العقد، الذي ظل لقرون طويلة يحصّن العلاقة التعاقدية من امتداد آثارها إلى غير من شاركوا في تكوينها.

ومن هنا تبرز أهمية موضوع الغير في عقود التجارة الإلكترونية، باعتباره موضوعاً حديثاً، يفرض مساءلة صريحة للنظرية العقدية التقليدية في ضوء الواقع الرقمي المعاصر، فهو بحث لا يقتصر على تأصيل مفهومي بقدر ما يهدف إلى فهم جديد لمركز الغير في محيط قانوني متغير، ويطرح إمكانية توسيع آثار العقد على أطراف غير موقعة عليه، إذا ما ثبت أنهم أسهموا في تكوينه أو تنفيذه أو التأثير في نتائجه، كما تتجلى أهمية الموضوع في ارتباطه الوثيق بالمستهلك الإلكتروني وحقوقه، وفي علاقته بالأمن التعاقدي والثقة الرقمية، وهي عناصر أساسية لضمان استقرار الاقتصاد الرقمي وتحقيق التوازن بين أطراف العلاقة الإلكترونية.

ومن خلال ما سبق تبرز الإشكالية المحورية للموضوع وهي كالتالي:

مركز الغير عن العقد في عقود التجارة الإلكترونية على ضوء التحولات التكنولوجية الراهنة؟

التي سنجيب عنها بناء على المنهجية التالية:

  • المطلب الأول: ماهية الغير في عقود التجارة الإلكترونية
  • المطلب الثاني: الضمانات الإجرائية المخولة للغير في منازعات التجارة الإلكترونية

المطلب الأول: ماهية الغير في عقود التجارة الإلكترونية

يُعد مفهوم “الغير” في القانون مفهوماً غامضا ومعقدا، ويتخذ في سياق عقود التجارة الإلكترونية دلالة خاصة، حيث يُقصد به الشخص الذي يتعامل في إطار مهنته المعتادة، دون اعتبار لطبيعة تلك المهنة، لذا سنحاول تحديد مدلول الغير في عقود التجارة الإلكترونية (الفقرة الاولى)، ثم التمييز بين الغير والمستهلك في هذه العقود (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مفهوم الغير في عقود التجارة الإلكترونية

يواجه مفهوم “الغير”[3] قصورا في مواكبة التحولات التكنولوجية بسبب ارتباطه بنظرة تقليدية تقوم على استقلاله عن العقد، وقد أدى ذلك إلى تصادمه مع واقع المعاملات الإلكترونية، مما يستدعي تكييف القواعد العامة لتشمله بشكل أكثر فعالية، كما أن عقد التجارة الإلكترونية ليس الوحيد في البيئة الرقمية، إذ تحيط به عقود أخرى قد تتلازم معه ضمن نفس الإطار التعاقدي[4].

وقبل التطرق لمفهوم الغير في العقود التجارية الإلكترونية، يجدر أولاً توضيح مسار هذه العقود، إذ تمر بنفس المراحل التي تعرفها العقود التجارية التقليدية، من الإبرام إلى التنفيذ، غير أنها تتم عبر شبكة الإنترنت، من خلال تبادل الإيجاب والقبول، والوفاء بالثمن، وتسليم المنتجات أو الخدمات رقمياً، كبرامج الحاسوب أو البيانات أو الكتب الإلكترونية، ما يمنحها طابعاً إلكترونياً نابعاً من استخدام الوسائل الرقمية في إنشائها أو تنفيذها جزئياً أو كلياً.[5]

وعليه تعتبر التجارة الإلكترونية عملية يتم من خلالها تبادل السلع والخدمات عبر وسيلة أو وسيط إلكتروني[6]، فالتعاقد في مجال التجارة الإلكترونية قد يتسم بمجموعة من الصفات ولعل أبرزها هو المتدخل الإلكتروني فيكمن هذا المتدخل بكونه مورد أو محترف أو مهني أو مزود وقد يكون كطرف ثاني أو ثالث في العلاقة التعاقدية الإلكترونية،[7] فهناك من عرفه على أنه : شخص طبيعي أو معنوي ويظهر كمحترف في العقد الإلكتروني فهذا الشخص قد يمارس باسمه أو لحساب الغير نشاطا تجاريا أو صناعيا أو زراعيا بامتلاكه موقعا إلكترونيا، أو محلا تجاريا عبر منصات رقمية بقصد ممارسة نشاطه، أو يشتري البضائع بقصد إعادة بيعها، أو يقوم بتأجير السلع وتقديم الخدمات[8].

وهكذا فالغير في التعاقد الإلكتروني أو في عقود التجارة الإلكترونية قد يكون متدخلا بصفته تاجرا أو مستهلكا ممارسا سواء محترفا كشخص ذاتي أو معنوي فمعيار هذا التمييز يكمن في أن الأول يكتسب صفة تاجر معلوماتي أو أن يكون متدخلا كمورد بممارسته ذلك النشاط عبر شبكة الإنترنت أو الويب أو أية وسيلة إلكترونية بغرض عرض السلع أو الخدمات للاستهلاك (مثل الوسيط أو المستشهر الإلكتروني أو منصة رقمية ذات غاية تجارية ) بغرض الحصول على مقابل يتمثل في شكل أتعاب أو خدمات التي يقدمها وتحقيقه ربحا لصالحه أو لصالح من عينه لذلك الغرض، أما الثاني فقد يسعى إلى إشباع احتياجاته الشخصية أو احتياجات من يعولهم[9] .

والتعريف بالغير وتحديد شخصيته من الأولويات في التعاقد عن بعد أو التعاقد الإلكتروني لما يمنحه ذلك من أمان في مثل هذا النوع من التعاقد الذي يفتقر إليه[10]، وقد يكون هذا الشخص طبيعيا كما قد يكون شخصا معنويا، يمارس نشاطا تجاريا أو صناعيا أو حرفيا أو أي نشاط آخر تتوفر فيه صفة المهنية أو الاحترافية، يكون في مركز قوة وذو خبرة ودراية فيما يخص المنتوج أو الخدمة التي يوردها أو يقوم بها لحاجات المستهلك، باعتباره الطرف الضعيف اقتصاديا في العلاقة التعاقدية.

ثم إن القصور في العلاقة التعاقدية بصفة عامة وفي عقود التجارة الإلكترونية بصفة خاصة غالبا ما يأتي من قبل الغير عندما يستغل وضعه ومركزه التفاوضي بما يملكه من قوة اقتصادية.[11]

وبالتالي يمكن القول إنه يعتبر الغير في عقود التجارة الإلكترونية: ” كل شخص طبيعي أو معنوي والذي يظهر في العقد الالكتروني كمحترف، فهذا الشخص يمارس باسمه أو لحساب الغير نشاطا تجاريا أو صناعيا أو زراعيا، يمتلك موقعا الكترونيا، أو محلا تجاريا بقصد ممارسة نشاطه، أو يشتري البضائع بقصد إعادة بيعها، أو يقوم بتأجير السلع وتقديم الخدمات “.[12]

ومن جانبنا يمكن استنتاج تعريف للغير في العقد الإلكتروني إذ يمكن القول بأنه: ” ذلك الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يعمل من أجل حاجات مهنته ويسعى إلى تحقيق الربح”.

وعليه للقول بوجود الغير في عقود التجارة الالكترونية لابد من توافر مجموعة من الشروط وهي كالتالي:

  • أن يمارس العمل التجاري على وجه الاعتياد والديمومة
  • أن يكون عبارة عن مهنة له
  • أن يهدف من وراء عرض المنتجات للاستهلاك تحقيق الربح.

الفقرة الثانية: تمييز الغير عن المستهلك في عقود التجارة الإلكترونية

يُعدّ المستهلك الإلكتروني فاعلاً محورياً في منظومة الاقتصاد الرقمي المعاصر، إذ أفرزت الثورة التكنولوجية وتطور وسائط الاتصال الحديثة نمطاً استهلاكياً جديداً، قوامه التفاعل مع الأسواق والمنتجات والخدمات عبر الوسائط الإلكترونية، بعيداً عن الأطر التقليدية المعهودة في المعاملات التجارية، فالمستهلك في البيئة الرقمية لا يكتفي بدور المتلقي السلبي، بل يمارس حقه في الاختيار والشراء والاطلاع على المواصفات والمقارنة بين العروض، من خلال منصات رقمية متعددة تتيح له إمكانية إبرام العقود عن بُعد، بكفاءة وسرعة ومرونة[13].

ويُشكل هذا التحول في سلوك المستهلك تحدياً قانونياً واقتصادياً بالنسبة للفاعلين في السوق، حيث أضحى لزاماً على الموردين ومزودي الخدمات التكيف مع هذا الواقع، من خلال توفير بيئة تعاقدية إلكترونية تستوفي شروط الشفافية والأمان، وتُراعي الحقوق الأساسية للمستهلك، سواء تعلق الأمر بالحق في الإعلام، أو في التراجع، أو في حماية المعطيات الشخصية، أو في ضمان جودة الخدمة.[14]

ومن هذا المنطلق، يُعتبر المستهلك الإلكتروني ليس مجرد طرف ضعيف في العلاقة التعاقدية فحسب، بل هو عنصر حيوي يُساهم في توجيه السياسات التجارية الرقمية، الأمر الذي يفرض على التشريعات الوطنية والمواثيق الدولية، مزيداً من التحديث والملاءمة مع متطلبات العصر الرقمي، حمايةً للتوازن العقدي وضماناً للعدالة التعاقدية في الفضاء الإلكتروني[15].

وقد عرفه القانون الفرنسي من خلال المادة الثالثة من القانون رقم 344-2014 الصادر ب 10مارس 2014 المعروف بقانون هامون (Hamon) بأنه كل شخص طبيعي يتصرف لغايات لا تدخل في إطار نشاطه التجاري، الصناعي، الحرفي أو المهني.[16]

أما عن المشرع المغربي فقد عرف المستهلك في المادة الثانية من القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك[17] بأنه: ” كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجات أو سلعا أو خدمات معدة لاستعماله الشخصي أو العائلي.

ومن هنا يمكننا أن نلمس الفرق بين المستهلك الإلكتروني والغير في عقود التجارة الإلكترونية، والرابط الوحيد بينهما هو العلاقة التعاقدية الإلكترونية، فبينما تكون غاية المستهلك من هذه العلاقة هي إشباع متطلباته الشخصية والعائلية، يكون تعاقد الغير في إطار عمله غايته البحث عن تحقيق الربح، إضافة إلى أن تصرف المستهلك هو عابر وليس دائم يلتجئ إليه فقط عند احتياجه أو احتياج من يعولهم.

أما الغير فهو شخص محترف في المجال الذي يمارس فيه نشاطه _مهما كان نوع هذا النشاط _فكل من يقوم بدور في العلاقة الإنتاجية من بدايتها إلى عرض المنتوج للاستهلاك، والذي يقوم به باستمرار ويجعله مهنة له ومصدر رزقه يعتبر غيرا، لذلك تم وضع عدة معايير للتمييز بين الغير المتدخل في عقود التجارة الإلكترونية وبين المستهلك الإلكتروني نذكر من بينها:

فالمستهلك الإلكتروني هو طرف مباشر في العقد الإلكتروني، يُبرم العقد باسمه ولمصلحته، وغالباً ما يكون في مركز التعاقد مع مهني أو مزوّد خدمة، بغرض تلبية حاجة شخصية أو استهلاكية، غير مرتبطة بنشاطه المهني أو التجاري.

أما الغير، فهو شخص أجنبي عن العقد، لم يكن طرفاً في تكوينه ولا ارتبط به بصفة تعاقدية مباشرة، ولكن قد يتأثر العقد الإلكتروني بحقوقه أو التزاماته، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وقد يظهر كمتدخل عرضي في تنفيذ العقد أو كمستفيد منه أو متضرر من آثاره.

  • معيار الاحتراف:

يعد هذا المعيار، أساسيا للتمييز بين الغير والمستهلك الإلكترونيين، لكونه يقوم على توجيه النشاط بشكل رئيسي ومعتاد للقيام بعمل معين بغية تحقيق الربح أي أنه يكفي لاعتبار الغير في عقود التجارة الإلكترونية متدخلا أن يحترف العمل المرتبط بمهنته دون أن يكون تاجرا، كما يعتبر متدخلا كل مورد إلكتروني في مواجهة المستهلك الإلكتروني.[18]

إن المستهلك من وراء تعاقده يسعى فقط إلى إشباع احتياجاته واحتياجات من يعولهم دون نية تحقيق الربح، بينما الغير يهدف بالأساس إلى تحقيق الربح عن طريق تداخله في عملية عرض السلع والخدمات للاستهلاك بغرض الحصول على مقابل يتمثل في شكل أرباح وأتعاب مقابل السلعة أو الخدمة التي يقدمها.[19]

المطلب الثاني: الضمانات الاجرائية المخولة للغير في منازعات التجارة الإلكترونية

تشكل الضمانات الإجرائية إحدى الركائز الأساسية لحماية الغير في منازعات عقود التجارة الإلكترونية، إذ تُعد آلية قانونية تتيح لهذا الغير الولوج إلى مساطر الإنصاف وطلب الحماية القضائية أو البديلة عند المساس بحقوقه أو مصالحه المشروعة، ويقتضي هذا الواقع المستجد العمل على تطوير وسائل فعالة لتسوية هذه المنازعات، سواء عبر المسار القضائي الرسمي (الفقرة الأولى)، أو من خلال آليات بديلة لحل النزاعات، كالتحكيم (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مؤسسة القضاء كآلية لفض منازعات الغير في عقود التجارة الإلكترونية

إن إبرام عقود التجارة الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت يطرح إشكالات عملية متعددة، لاسيما فيما يتعلق بمصير هذه العقود عند نشوء نزاع بين أطرافها، ومدى إمكانية تدخل القضاء لحسم هذا النزاع، بالنظر إلى خصوصية العلاقة التعاقدية التي تنعقد عن بُعد وفي بيئة رقمية، وتثار في هذا السياق مسألة الاختصاص القضائي، وتحديد ما إذا كان من اختصاص القضاء التجاري النظر في مثل هذه المنازعات، خاصة مع تعقيد الروابط العقدية وتجاوزها للحدود الإقليمية، ويزداد الأمر تعقيداً في ظل الإطار القانوني الأوروبي المنظم لهذا المجال، لا سيما بعد دخول التوجيهية الأوروبية رقم 44/2001 حيّز التنفيذ، والتي حلت محل اتفاقية بروكسيل لسنة 1968، حيث أعادت هذه التوجيهية تنظيم قواعد الاختصاص القضائي في المنازعات ذات البُعد الدولي، بما في ذلك تلك الناشئة عن العقود الإلكترونية[20]، واشترطت الكتابة في الاتفاق المحدد للمحكمة المختصة للنظر في النزاع، ويعد اختصاص المحكمة التجارية في هذا النزاع راجع إلى طبيعة القواعد العامة اللصيقة به وفق تنظيمها القضائي، لكونها صاحبة الولاية العامة في حل مثل هذه المنازعات[21].

 بوجه عام، يرتبط تحديد الاختصاص القضائي في عقود التجارة الإلكترونية بشكلية التعاقد، ويُرجّح فيه اختصاص محكمة موطن أو محل إقامة المدعى عليه وفقاً للمقتضيات العامة[22]، وعند إبرام عقد عبر الإنترنت، تُطبق القاعدة العامة برفع الدعوى أمام محكمة موطن المدعى عليه، غير أن الإشكال يظل قائماً في عقود التجارة الإلكترونية التي يتدخل فيها الغير، نظراً لصعوبة تحديد هوية ومكان هذا الطرف في بيئة افتراضية تعتمد على وسائل إلكترونية وشبكات دولية.[23]

ويبقى النزاع المطروح أمام المحكمة التجارية للفصل فيه قائما على وجود مصلحة مشتركة للطرفين إلا أن هناك بعض الحالات التي يتم اللجوء فيها إلى المحكمة المتفق عليها من أجل فض النزاع وذلك وفق شروط إبرام العقد سواء بطريقة اتفاقية أو بطريقة قضائية محددة في هذا الأمر.[24]

كما أن المتدخل في التعاقد التجاري الإلكتروني يبقى له نوع من الحماية في ممارسته، إذ يبقى في معظم الوقت رهين بطريقة المعاملة المجرات سواء مع تاجر أو مع المستهلك لما تحكمه طريقة المعاملة التجارية الالكترونية، مما يشوبه من فراغ تشريعي في هذا النطاق لكيفية ومآل تدخل المحكمة أو القضاء التجاري في هذا الأمر، ويبقى التحكيم أو الوسائل البديلة هو السبيل الوحيد والمناسب والعملي لتجاوز الصعوبات التي يثيرها اختصاص المحاكم التجارية لحل منازعات العقود التجارية الإلكترونية بصفة خاصة والمنازعات التجارية الإلكترونية بصفة عامة.

الفقرة الثانية: الآليات البديلة لتسوية منازعات الغير في عقود التجارة الإلكترونية

إن دخول الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة أحدث ثورة في التجارة الإلكترونية، لكنه جلب أيضًا تحديات خاصة فيما يتعلق بتسوية المنازعات، تطلب ذلك تطوير وسائل بديلة لحل هذه المنازعات تتناسب مع طبيعة التجارة الإلكترونية، ومن أبرزها التحكيم الإلكتروني[25] الذي أصبح من أنجع الوسائل لحل هذه النزاعات.

أما فيما يخص إدخال[26] الغير في منازعات التجارة الإلكترونية فقد تم تحديده في كل شخص تكون غايته البحث عن تحقيق الربح، أي أنه يكفي لاعتبار الغير في عقود التجارة الإلكترونية متدخلا أن يحترف العمل المرتبط بمهنته دون أن يكون تاجرا، كما يعتبر متدخلا كل مورد إلكتروني.

وإذا كانت القواعد العامة في الخصومة القضائية تقرر أنه يجوز اختصام الغير في الخصومة رغما عن إرادته، فإن هدفها من ذلك الاختصام جعل الحكم الصادر في الدعوى حجة على المختصم، فمن المسلم به أن للغير أن يتدخل أمام القاضي كما أنه يمكن إدخاله جبراً عنه لتحقيق مصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة سواء من تلقاء نفس القاضي أو بناء على طلب أحد الخصوم.[27]

والحقيقة أن قوانين التحكيم الدولية أو الإقليمية أو الوطنية تخلو من النص على هذه المسألة، إلا أنها نصت على صورة خاصة من إدخال الغير ، هي ليست في حقيقتها اختصاما بالمعنى الدقيق، وهي إدخال الغير لتقديم دليل تحت يده، فهو إدخال بغير إنزال وصف الخصم على هذا الغير ، ومع ذلك لم تمكن المحكم من ذلك لأنه يفتقد سلطة الأمر في هذه المسألة، بل أعطته ولاية الطلب من تلقاء نفسه أو بناء على رغبة الخصوم من المحكمة المختصة أن تأمر بإدخال هذا الغير،[28] فإن كان الأمر كذلك في هذه الصورة التي لا تعتبر اختصاما بالمعنى الدقيق، فإنه كذلك من باب أولى في صور الاختصام بالمعنى الدقيق حيث يرى أحد الفقه[29] أنه إذا كان إدخال الغير بغرض تنوير عقيدة المحكمة في شأن واقعة محددة كإلزامه بتقديم مستندات أوراقه تحت يده لإظهار الحقيقة فإنه لا يمكن أن يعد هذا الغير طرفا في الخصومة ” .

إن الأصل العملي هو أن يتم إدخال الغير لعرض ما تحت يده من أدلة بناء على طلب أحد الخصوم، وليس من تلقاء ذات المحكمة أو المحكم، لأن هذا الخصم هو الذي يعلم من هو هذا الغير، وما هو الدليل الذي تحت يده، ولذلك صرح الفصل 103 من ق م م[30] على ما يلي:” إذا طلب أحد الأطراف إدخال شخص في الدعوى بصفته ضامنا أو لأي سبب آخر استدعى ذلك الشخص طبقا للشروط المحددة في الفصول 37، 38، 39.” إلا أن ذلك لا يعني عدم إمكانية إدخال الغير لتقديم دليل تحت يده من تلقاء المحكمة بدون سبق طلب، إذ ارتأى للمحكمة إدخال شخص في الدعوى لإبراز وثائق ومستندات توجد بحوزة هذا الشخص يتوقف عليها البت في النزاع المعروض عليها فتصدر أمرا بإدخال هذا الشخص في الدعوى لإلزامه بإبراز تلك الوثائق والمستندات.[31]

لذلك، نرى حسب اعتقادنا أنه لا مانع من منح هيئة التحكيم صلاحية التقدم بطلب إلى المحكمة المختصة من أجل إصدار أمر بإدخال الغير لتقديم دليل يوجد تحت حيازته، ولو أن هذا الغير لا يُعتبر خصماً في النزاع بمجرد إدخاله، لأن الإدخال هنا لا يرتب عليه وصف “الخصم”، إلا أن الإجراء لا يصدر عن هيئة التحكيم التي لا تملك ولاية على الغير، بل يتم بناءً على أمر من المحكمة المختصة بناءً على طلب من الهيئة التحكيمية نفسها. وقد نصت بعض قوانين التحكيم على هذه الإمكانية بشكل صريح، كما هو الشأن بالنسبة للمادة 209/2 من قانون الإجراءات المدنية الإماراتي، التي جاء فيها: “يوقف المحكم عمله للرجوع إلى رئيس المحكمة المختصة لإجراء ما يلي: الحكم بتكليف الغير إبراز مستند في حوزته ضروري للحكم في التحكيم.”

ومن الملاحظ أن هذه التشريعات لم تأخذ بالنص الحرفي للقانون النموذجي للتحكيم الصادر عن لجنة الأونسيترال[32]، إلا أن القوانين التي تبنّت هذا الأخير قد سارت على نهجه، حيث اعتمدت قاعدة عامة مفادها إمكانية اللجوء إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع من أجل الحصول على وسائل الإثبات التي تقتضي تدخل جهة تملك سلطة الأمر، وهي السلطة التي تفتقدها هيئة التحكيم.

 ورغم ذلك، فإن للمحكم أن يتقدم بنفسه بهذا الطلب إلى المحكمة دون أن يُعدّ ذلك خرقاً لمبدأ الحياد، كما يجوز للطرف المتضرر القيام بالمبادرة ذاتها، بل وبأولوية، شرط الحصول على موافقة الهيئة التحكيمية.

وإذا كانت معظم التشريعات العربية قد قيدت الاستعانة بالقضاء في التحكيم بحالات محددة تتعلق فقط بالأمور الخارجة عن ولاية الهيئة التحكيمية، كما هو الحال عند طلب إلزام شخص بتقديم مستند ضروري للفصل في النزاع، فإن بعض الأنظمة القانونية ذهبت إلى منح التحكيم نطاقاً أوسع للاستعانة بالقضاء. ومن ذلك ما نص عليه الفصل 28 من مجلة التحكيم التونسية، الذي جاء فيه ما يلي: “تتولى هيئة التحكيم جمع الأبحاث من تلقي الشهادات وإجراء الاختبارات، إلى غير ذلك من الأعمال الكاشفة للحقيقة. وإذا كان أحد الأطراف ماسكاً لوسيلة من وسائل الإثبات فله مطالبته بتقديمها، ولها أيضاً سماع كل ما ترى فائدة في سماعه لتقدير النزاع، ويجوز لها الاستنجاد بالقضاء لاستصدار أي قرار يمكنها من تحقيق الأغراض الواردة بهذا الفصل.”

وانطلاقاً مما سبق، نلاحظ أن الغير في التعاقد التجاري الإلكتروني يظل متمتعاً بنوع من الحماية القانونية، ولو بصورة غير مباشرة، في إطار علاقته بالمعاملة الإلكترونية، سواء تعلّق الأمر بتعاقده مع تاجر أو مستهلك، وذلك بالنظر إلى الطابع غير النمطي والمتحول للمعاملة التجارية الإلكترونية، وما يشوبها من فراغ تشريعي ملحوظ. الأمر الذي يترتب عليه أن وضعية الغير في منازعات التجارة الإلكترونية لا تزال يكتنفها كثير من الغموض، نتيجة غياب إطار قانوني شامل ودقيق ينظم مركز الغير في العقود الإلكترونية ويحدد نطاق تدخله وحمايته بشكل صريح ومتكامل.

خاتمة:

ختاماً، يتّضح من خلال تحليل مركز الغير في عقود التجارة الإلكترونية أن هذا المجال لا يزال يعاني من فراغ تشريعي وتهميش فقهي، بالرغم من التحولات العميقة التي فرضتها الوسائط الرقمية على بنية العلاقات التعاقدية. فالغير، وإن لم يكن طرفاً مباشراً في العقد الإلكتروني، فإنه قد يتأثر بشكل جوهري بمضمونه وآثاره، سواء كخلف عام أو خاص، أو دائن، أو حتى كمشارك عرضي بفعل التقنية الحديثة، بما في ذلك الوسائط الذكية والخوارزميات الذاتية التشغيل.

وقد كشف الواقع العملي عن هشاشة الإطار القانوني المنظم لوضعية الغير في البيئة التعاقدية الرقمية، وعدم كفاية القواعد التقليدية القائمة في قانون الالتزامات والعقود أو في مدونة التجارة لمواكبة هذا التطور المتسارع، الأمر الذي أفرز إشكالات تطبيقية تمس جوهر العدالة التعاقدية وفعالية الحماية القانونية.

وفي سياق متصل يمكن القول إن تحديات هذا الموضوع لم تعد تقف عند حدود النظرية العقدية الكلاسيكية، بل امتدت إلى أبعاد تتعلق بحماية الحقوق، وتنظيم المسؤوليات، وضمان الأمن القانوني في بيئة رقمية عابرة للحدود وهو ما يفرض على المشرع المغربي، ضرورة إعادة النظر في التنظيم القانوني للغير داخل الفضاء الرقمي، وذلك من خلال اعتماد نصوص تشريعية حديثة تؤسس لمدونة متكاملة للمعاملات الإلكترونية، تواكب التحولات التكنولوجية، وتمنح للغير مكانة قانونية واضحة ومتكاملة تضمن له الحماية وتحدد أدواره ومسؤولياته.

وهكذا، فإن مستقبل المعاملات الرقمية لن يكتمل دون بناء منظومة قانونية مرنة، شاملة، ومواكبة، تضع في اعتبارها ليس فقط أطراف العقد الإلكتروني، بل أيضاً كل من قد يتأثر به، في اتجاه تحقيق الأمن القانوني والاقتصادي داخل الفضاء التعاقدي الرقمي.

وفي ضوء ما سبق، يظل السؤال مطروحاً بإلحاح:

إلى أي حد يمكن للغير أن يضطلع بدور فاعل في تنفيذ المعاملات الإلكترونية، بما يحقق توازناً تعاقدياً حقيقياً ويسهم في ترسيخ الأمن الرقمي داخل الفضاء التعاقدي؟


لائحة المراجع:

المراجع العربية:

  • سلطان عبد الله محمود الجواري، عقود التجارة الإلكترونية والقانون الواجب التطبيق، الطبعة الأولى، مطبعة منشورات الحلبي الحقوقية. 2010.
  • أحمد عبد الكريم سالمة، نظرية العقد الدولي الطليق، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، 1989.
  • نوال عبد الكريم، التجارة الإلكترونية، الطبعة الأولى، دار الأمجد للنشر، عمان، 2015.
  • صالح جاد المنزلاوي، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الإلكترونية، الطبعة الأولى، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2023.
  • يوسف كبيطي، تأثير قانون الاستهلاك على نظرية العقد، الطبعة الأولى، دار الأفاق المغربية، الدار البيضاء2023.
  • سليمان أحمد فضل، المنازعات الناشئة عن عقود التجارة الإلكترونية في إطار القانون الدولي الخاص، دار النهضة العربية القاهرة. (دون ذكر السنة).
  • ممدوح محمد خيري، هاشم المسلمي، مشكلات البيع الإلكتروني عن طريق الإنترنت في القانون المدني، دار النهضة العربية، مصر، 2000 (دون ذكر الطبعة).
  • عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، دراسة على مستجدات مسودة مشروع 2018، الطبعة العاشرة، دار السلام، الرباط، 2020.
  • حفيظة السيد حداد، النظرية العامة في الاختصاص القضائي الخاص، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2009.
  • هادي مسلم يونس البشكاني، التنظيم القانوني للتجارة الإلكترونية “دراسة مقارنة،” دار الكتب القانونية، مصر.2009.
  • منى بولمكول: دور الغير في تنفيذ العقد، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر قانون العقود والأنظمة العقارية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2024/2025.
  • ليلى اليخلوفي، الاختصاص القانوني والقضائي في منازعات العقود الإلكترونية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، تخصص قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، الموسم الجامعي 2018/2019.
  • عبد الله ديب، حماية المستهلك في عملية التعاقد الإلكتروني، مجلة كلية الشريعة والقانون جامعة الازهر، مصر، المقال 7، المجلد 18، العدد1، سنة 2016.
  • دربال ياسمين، الغير في منازعات التجارة الإلكترونية، مقال منشور في مجلة القانون التجاري العدد العاشر، 2023.
  • عبد الله ديب، عبد الله محمود، حماية المستهلك في عملية التعاقد الإلكتروني، مجلة كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، مصر، المجلد 18، العدد الأول، 2016.
  • حسن السوسي، حماية المستهلك في زمن المنصات الرقمية، منشور بمؤلف: حماية المستهلك في القانون المغربي، دار الأفاق المغربية، الدار البيضاء، العدد الثامن، .2021
  • محمد شكري سرور، التجارة الإلكترونية ومقتضيات حماية المستهلك، المؤتمر العلمي الأول حول الجوانب القانونية والأمنية للعمليات الإلكترونية، مركز البحوث والدراسات بأكاديمية شرطة دبي الإمارات العربية المتحدة الفترة 26 -28 أبريل.2003.
  • محمد برهان الدين تنازع الاختصاص القضائي في منازعة المعاملات ذات الطبيعة الإلكترونية، مقال منشور بموقع أكاديميا العربية..https://academia-arabia.com/ar

المراجع الأجنبية.

  • Caprioli Eric : règlement des litiges internationaux et droit applicable dans la commerce électronique, Paris, Éditions du Juris-Classeur, 2002.
  • Cynthia CHASSIGNEUX, Vie privée et commerce électronique, 2005.
  • McClure، Electronic commerce، sales Taxation and Intergovernment fiscal relation National Tax journal.
  • MEDEF، Guide” La protection des données personnelles: un enjeu essentiel pour la confiance des consommateurs et la compétitivité des entreprises.

الهوامش: 

[1] -سلطان عبد الله محمود الجواري، عقود التجارة الإلكترونية والقانون الواجب التطبيق، الطبعة الأولى، مطبعة منشورات الحلبي الحقوقية. 2010، ص: 45.

[2] – أحمد عبد الكريم سالمة، نظرية العقد الدولي الطليق، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، 1989، ص: 197.

[3]– للتوسع أكثر في مفهوم الغير وتطوره راجع:

منى بولمكول: دور الغير في تنفيذ العقد، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر قانون العقود والأنظمة العقارية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2024/2025. ص: 33 وما بعدها.

[4] -عبد الله ديب، حماية المستهلك في عملية التعاقد الإلكتروني، مجلة كلية الشريعة والقانون جامعة الازهر، مصر، المقال 7، المجلد 18، العدد1، سنة 2016، ص: 608

[5] – Caprioli Eric : règlement des litiges internationaux et droit applicable dans la commerce électronique, Paris, Éditions du Juris-Classeur, 2002, p. 25    disponible sur le site : https://www.erudit.org/fr consulté le : 12 /02 /2025

[6] – نوال عبد الكريم، التجارة الإلكترونية، الطبعة الأولى، دار الأمجد للنشر، عمان، 2015، ص: 98

[7] -دربال ياسمين، الغير في منازعات التجارة الإلكترونية، مقال منشور في مجلة القانون التجاري العدد العاشر، 2023، ص: 155

[8]-عبد الله ديب، عبد الله محمود، حماية المستهلك في عملية التعاقد الإلكتروني، مجلة كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، مصر، المجلد 18، العدد الأول، 2016، ص: 607

[9] – ياسمين دربال، م.س، ص: 156

[10] Cynthia CHASSIGNEUX, Vie privée et commerce électronique, 2005, p. 19 disponible sur le site : https://www.erudit.org/fr  consulté le 12/02/2025

[11] -McClure، Electronic commerce، sales Taxation and Intergovernment fiscal relation National Tax journal، p:731-749 available at: https://www.journals.uchicago.edu date accessed 12/02/2025

[12] -صالح جاد المنزلاوي، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الإلكترونية، الطبعة الأولى، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2023، ص: 102

[13]-MEDEF، Guide” La protection des données personnelles: un enjeu essentiel pour la confiance des consommateurs et la compétitivité des entreprises. Disponible sur le site :  http://www.medef.com  consulté le 12 /02/2025.

[14] – حسن السوسي، حماية المستهلك في زمن المنصات الرقمية، منشور بمؤلف: حماية المستهلك في القانون المغربي، دار الأفاق المغربية، الدار البيضاء، العدد الثامن، 2021 ص: 65.

[15] يوسف كبيطي، تأثير قانون الاستهلاك على نظرية العقد، الطبعة الأولى، دار الأفاق المغربية، الدار البيضاء2023، ص: 254.

[16]Art.3 de la loi 344-2014 (loi Hamon) : « Art. préliminaire –Au sens du présent code, est considérée comme un consommateur toute personne physique qui agit à des fins qui n’entrent pas dans le cadre de son activité commerciale, industrielle, artisanale ou libérale. »

[17] – ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 (18 فبراير 2011) بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، ج.ر عدد 5932 بتاريخ 3 جمادى الأولى 1432 (7 أبريل 2011) ص :1072.

[18]– محمد شكري سرور، التجارة الإلكترونية ومقتضيات حماية المستهلك، المؤتمر العلمي الأول حول الجوانب القانونية والأمنية للعمليات الإلكترونية، مركز البحوث والدراسات بأكاديمية شرطة دبي الإمارات العربية المتحدة الفترة 26 -28 أبريل.2003

[19] – MEDEF، Guide  La protection des données personnelles. Op.cit

[20] – سليمان أحمد فضل، المنازعات الناشئة عن عقود التجارة الإلكترونية في إطار القانون الدولي الخاص، دار النهضة العربية القاهرة. (دون ذكر السنة)، ص: 116

[21] – ممدوح محمد خيري، هاشم المسلمي، مشكلات البيع الإلكتروني عن طريق الإنترنت في القانون المدني، دار النهضة العربية، مصر، 2000 (دون ذكر الطبعة)، ص:87

-تجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي لم ينظم قواعد اختصاص المحكمة التجارية في حل منازعات الغير في عقود التجارة الالكترونية سواء بطريقة مباشرة وفق القانون المنظم له رقم 95-53 أو عن طريق المقتضيات مدونة التجارة رقم 95-15 أو عن طريق مقتضيات القانونية المنظمة لخدمة الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية رقم 20-43.

[22] -عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، دراسة على مستجدات مسودة مشروع 2018، الطبعة العاشرة، دار السلام، الرباط، 2020، ص:33

[23] – حفيظة السيد حداد، النظرية العامة في الاختصاص القضائي الخاص، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2009، ص: 65.

[24] – ليلى اليخلوفي، الاختصاص القانوني والقضائي في منازعات العقود الإلكترونية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، تخصص قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، الموسم الجامعي 2018/2019، ص: 68ـ.

بالإضافة إلى أن وضع الضوابط العامة للاختصاص القضائي في هذه النزاعات يبقى رهين بملائمة نوع العلاقة التعاقدية في هذه الأطراف وتحديده إذ أن وضعية هذا الضابط تبقى رهينة بحماية أكبر لدى المستهلك باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، إذ يبقى لهذا الأخير حرية رفع الدعوى أمام المحكمة التي يختارها متشبثا بذلك بكل الوسائل المتاحة في هذا الأمر من اثبات عن طريق المعاملات الالكترونية كتقديم الدليل الالكتروني الكافي لهذا الأمر أو تقديم بيانات شخصية الكترونية وفق قواعد المعاملة التي تم الاتفاق عليها في التعاقد .

-راجع: هادي مسلم يونس البشكاني، التنظيم القانوني للتجارة الإلكترونية “دراسة مقارنة،” دار الكتب القانونية، مصر.2009، ص: 98 وما بعدها.

[25] – عرف المشرع المغربي التحكيم في المادة 1 من القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية الصادر بمقتضى ظهير شريف رقم 1.22.34 بتاريخ 23شوال 1443 الموافق ل 24ماي 2022 المنشور في ج.ر عدد 7099 بتاريخ 13ذو القعدة1443 الموافق ل 13يونيو 2022 ص: 3580 والذي جاء فيها: ” عرض نزاع على هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق تحكيم.

ومما لا شك فيه أن التجارة الالكترونية تحتاج إلى السرعة في إبرام العقود وتنفيذها وحتى في المنازعات الناشئة عنها، لذلك ظهر هذا النوع من التحكيم الذي اصطلح عليه ” التحكيم الالكتروني”، ويطلق عليه أيضا التحكيم على الخط أو التحكيم الشبكي. online Arbitration

مصطلح التحكيم الالكتروني من كلمتين، الأولى، “التحكيم” ويقصد به التحكيم التقليدي كما تم تعريفه، والثانية الالكتروني”، وتعني الاعتماد على تقنيات سواء كانت كهربائية أو رقمية أو مغناطيسية إلى غير ذلك من الوسائل المشابهة. وعليه فإن التحكيم الالكتروني، هو إجراء التحكيم باستخدام الوسائط والشبكات الإلكترونية وفي مقدمتها شبكة الإنترنت. ولقد حظي التحكيم الالكتروني كنظيره التقليدي بالعديد من التعريفات، فمنهم من عرفه: التحكيم الذي تتم إجراءاته عبر شبكة اتصالات دولية بطريقة سمعية بصرية ودون الحاجة إلى التواجد المادي لأطراف النزاع والمحكمين في مكان معين”. كما عرفه الفقيه Cynthia Chassigneux بأنه: ” ذلك التحكيم الذي يتفق بموجبه الأطراف على إخضاع منازعتهم الناشئة عن صفقات أبرمت غالبا بوسائل الكترونية، إلى شخص ثالث يفصل فيها بموجب سلطة مستمدة من اتفاق أطراف النزاع، وباستخدام وسائل اتصال حديثة تختلف عن الوسائل التقليدية المستخدمة في التحكيم التقليدي“. وعليه يلاحظ أن التحكيم الالكتروني يختلف عن التحكيم التقليدي، من خلال الوسيلة التي تتم فيها إجراءات التحكيم في العالم الافتراضي، فلا وجود للورق والكتابة التقليدية أو الحضور المادي للأشخاص في هذا النوع من التحكيم وحتى الأحكام التي قد يحصل عليها الاطراف تكون موقعة وجاهزة بطريقة الكترونية. ولعل من أهم أسباب اللجوء إلى التحكيم الالكتروني، سرعته وملائمته مع التطور الذي عرفته التجارة الإلكترونية مما يساعد في عملية التبادل الدولي إضافة لكونه يمثل منصة واحدة أيا كان نوع الاختصاص الذي يتعلق بالنزاع، على عكس القضاء الذي يشمل مجموعة من الإجراءات، الأمر الذي يجعل العملية أكثر تعقيدا ==كما أن جميع الإجراءات التي تسير عليها عملية التحكيم الالكتروني تتم عن بعد ، الأمر الذي لا يستلزم انتقال الأطراف المتنازعة ، لأنه لا يستدعي الوجود المادي للأطراف بأشخاصهم وإنما عبر وسائل الاتصال فقط، إضافة إلى سهولة الحصول على الحكم وبأسهل الطرق، وذلك راجع للسرعة في تقديم المستندات عبر البريد الإلكتروني، أو من خلال تبادل الحوار مع الخبراء المتخصصين من خلال الشبكات الرقمية كما يمتاز التحكيم الالكتروني بعدة خصائص مرتبطة أساسا بالتجارة الالكترونية والعقود الالكترونية، وذلك بطريقة تميزه عن الخصائص المميزة للمحاكم الوطنية أو القضاء العادي والتحكيم التجاري التقليدي، ومن بين هذه الخصائص نذكر :

  • السرية في عملية التحكيم الالكتروني
  • سرعة الفصل في القضايا المطروحة على التحكيم الالكتروني
  • تجاوز مشكلة الاختصاص القضائي

راجع في هذا الصدد:

– أحمد عبد الكريم سالمة، نظرية العقد الدولي الطليق، م.س، ص: 120 وما بعدها

– سلطان عبد هللا محمود الجواري، عقود التجارة الإلكترونية والقانون الواجب التطبيق، م.س، ص: 50 ومابعدها

[26] – الإدخال هو إجبار شخص ثالث ليس طرفا في الدعوى على الدخول فيها إما بناء على طلب من يهمه الأمر من الخصوم أو بناء على أمر من المحكمة توجهه إليه من تلقاء نفسها.

– راجع في هذا الصدد: عبد العزيز الحضري، القانون القضائي الخاص، طبعة 1999، مطبعة الجسور، ص194

[27]– سليمان احمد فضل المنازعات الناشئة عن عقود التجارة الإلكترونية في إطار القانون الدولي الخاص، م.س، ص: 98

[28] – محمد برهان الدين تنازع الاختصاص القضائي في منازعة المعاملات ذات الطبيعة الإلكترونية، مقال منشور بموقع أكاديميا العربية.https://academia-arabia.com/ar

[29] -عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، م.س، ص: 45

[30] – ظهير شريف رقم 1.74.447، بتاريخ 11 رمضان 1394 الموافق ل 28 شتنبر 1974، بالصادقة على قانون المسطرة المدنية، ج.ر عدد، 3230 مكرر، 13 رمضان 1394، الموافق ل 30 شتنبر 1974، ص: 2741

[31] -عبد الكريم الطالب، م.س، ص: 98

[32]– نصت المادة 28 من القانون النموذجي للتحكيم على أنه “في إجراءات التحكيم، يجوز لهيئة التحكيم أو لأي من الطرفين، بموافقة الهيئة، طلب المساعدة من محكمة مختصة في هذه الدولة للحصول على أدلة، ويجوز للمحكمة أن تنفذ الطلب في حدود سلطتها ووفقا لقواعدها الخاصة بالحصول على الأدلة”

Source link

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock