مدلول القاعدة والحكم في الفقه الإسلامي

مدلول القاعدة والحكم في الفقه الإسلامي
عماد الترغي

مدلول القاعدة والحكم في الفقه الإسلامي

مدلول القاعدة والحكم في الفقه الإسلامي

بقلم عماد الترغي طالب باحث في سلك الماستر تخصص قانون المدني والأعمال

مقدمة :

تزخر مختلف فروع الفقه الإسلامي بالعديد من القواعد الفقهية مستمدة في معظمها من مصادر التشريع في الإسلام يرى ُ الفقهاء أنَّ القاعدة الفقهية تصلح ل أن تصاغ منها الأحكام الشرعية فهي تعتبر دليلًا يُحتجُّ به إذا كان لهذه القاعدة أصل من الكتاب أو السنة، أو مبنية على أدلَّة من الكتاب والسنَّة وواضح الأخذ منهما، أو معبرة عن دليل أصولي أو كونها حديثًا ثابتًا مستقلًّا.
ومن هذه القواعد نجد قاعدة: “الأمور بمقاصدها”، فالاحتجاج بها نابع من الاحتجاج بأصلها؛ وهو حديث: ((إنَّما الأعمال بالنيَّات))، ونجد نفس الأمر بالنسبة لقاعدة: “اليقين لا يزول بالشك”، و”لا ضرر ولا ضرار”، و”البينة على المدَّعي واليمين على من أَنكر”، و”العادة محكَّمة”؛ اعتبرت هذه القواعد الخمس قواعد كبرى وبمثابة أدلَّة شرعية، وهناك من العلماء من يضيف عليها قاعدة “الخراج بالضمان”.

وهي قواعد متَّفَق على حجيَّتها والاستدلال بها، ولا يحق للمفتي أن يعارِضَها في فتواه؛ وهذا ما صرَّح به الإمام القرافي من أنَّ حكم القاضي ينقض إذا خالَف قاعدةً من القواعد السالمة عن المعارضة. 

وعليه فما مدلول كل من القاعدة الشرعية والحكم الشرعي في الفقه الإسلامي وما هي أنوعهما ؟ 

وللإحاطة بالتساؤل المطروح أعلاه فإنا نوثر تناول التصميم أدناه؛ 

المطلب الأول : ماهية القاعدة الشرعية في الفقه الإسلامي.

الفقرة الأولى: مدلول القاعدة الشرعية ؛

الفقرة الثانية: أنواع القاعدة الشرعية؛ 

المطلب الثاني: ماهية الحكم الشرعي في الفقه الإسلامي،

 الفقرة الأولى : مدلول الحكم الشرعي .

الفقرة الثانية : أنواع الحكم الشرعي .

المطلب الأول :ماهية القاعدة الشرعية في الفقه الإسلامي

نعالج مدلول القاعدة الشرعية في الفقه (الفقرة الأولى) على أن  نتعرض إلى أنواع القاعدة الشرعية في(الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى : مدلول القاعدة الشرعية: 

هذه الكلمة من حيث اللغة موضوعة لما هو الأساس لشي‏ءٍ ؛ سواء أكان ماديّاً أو معنويّاً، على نحو ينعدم الشيء ويضمحلّ بسبب انتفائه، فالبيت مثلًا ينعدم بانعدام أساسه، والدين يندرس باندراس أساسه، والعلم ينتفي بانتفاء القواعد الكليّة الموجودة فيه. قال ابن منظور:

«والقاعدة : أصل الاسّ، والقواعد: الإساس، وقواعد البيت إساسُه.

وفي التنزيل: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ } [البقرة: 127] ، وفيه : {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} [النحل: 

قال الزجاج : القواعد أساطين البناء الّتي تعمده، وقواعد الهَوْدَج : خشبات أربع معترضة في أسفله تركّب عيدان الهودج فيها» 

وأمّا بحسب الاصطلاح : فهي قضيّة كلّية منطبقة على جميع جزئياتها.

قال التهانوي : «هي تطلق على معان : مرادف الأصل، والقانون، والمسألة، والضابطة، والمقصد. وعرّفت بأنّها أمر كلّي منطبق على جميع جزئيّاته عند تعرّف أحكامها منه»

من هنا فيشترط في كلمة «القاعدة» المستعملة في العلوم الرائجة أن تكون قضيّة كلّية أو غالبيّة، ولا يعتبر أن تكون أساساً للعلم على نحو ينتفي بانتفائها، فمثلًا لو انتفت قاعدةٌ واحدةٌ من قواعد الفقه، أو النحو، أو الرجال أو غيرها لم ينتفِ العلمُ بانتفائها، فتدبّر.

الفقرة الثانية: أنوع القاعدة الشرعية؛ 

1- القاعدة الفقهية: 

عرفت بعدد من التعريفات وهي:

 “قضية كلية منطبقة على جميع جزئياتها.0

-“قضية كلية من حيث اشتمالها بالقوة على أحكام جزئيات موضوعها” 

– “الأمر الكلي المنطبق على جميع جزئياته .

فهذه التعريفات تعطي صورة واضحة لمعنى “القاعدة” حيث نراها قد تأخذ بوصف “الكلية” للقاعدة مع اختلاف تعبيراتها مما لا يؤثر في مضمون “الكلية”.

ولا يَرِد على هذا وجودُ مستثنيات في القواعد, فهي لا تؤثر ولا تُخلّ بوصف “الكلية” فيها, لأن تلك المستثنيات وإن كانت خرجت عن قاعدة معيّنة, فقد دخلت في قاعدة أخرى, فتكون(كلية القاعدة) قد بقيت على حالها.

فلفظ القاعدة الفقهية إذن  في سياقنا يحيل على حكم كلي ينطبق على جمع جزئياته لتعرف أحكامها منه، وقواعد الفقه هي: صور كلية، تضم عددا من الصور الجزئية.

فهي مايعبر به عن حكم شرعي كلي أو أغلبي تندرج تحته فروع فقهية كثيرة. 

ومن أمثلة القواعد الفقهية نورد للقاعدة الشهيرة ” الضرورات تبيح المحضورات”.

2- القاعدة الأصولية: 

هي الحكم الكلي المتعلق بدلالة الادلة الكلية الذي يتوصل به إلى استنباط أحكام الفروع الفقهية من أدلتها.

مايلي شرح الفاظ التعريف:

●حــكـــم: الحكم في اللغة معناه الصرف والمنع وكذلك يعني الفصل والبت والقطع على الإطلاق، والحكم هو إسناد أمر إلى أخر إيجابا أو سلبا وعند أهل المنطق-وهو المقصود هنا- أدراك وقوع النسبة أو لا وقوعها. والأصل أن الحكم جزء من القضية، وقد يطلق ويراد به القضية اطلاقاً لأسم الجزء على الكل.

●كــلــــــي:هو ما لا يمنع نفس تصوره من وقوع شركة كثيرين فيه. ومعناه هنا ان الحكم على كل فرد وهو لا يتقوم بالجزيئات بخلاف الكل، وأيضاً أجزاء الكل متناهية وجزئيات الكلي غير متناهية. يخرج بهذا القيد اكثر القواعد الفقهية التي تنطبق على معظم جزئياتها لا كلها لكثرة الاستثناءات فيها.التعريف بالحكم الكلي هو الأنسب لأنه أقرب إلى الجانب الوظيفي للقاعدة الأصولية فإنها تعد أدوات لمعرفة الأحكام الجزئية.

●دلالة الادلة الكلية: هي موضوعات علم اصول الفقه في طرق الاستنباط من الادلة الكلية ( الكتاب والسنة …وغيرها).هو وصف الامام الغزالي .يتوصل به: أشارة إلى أن هذه القواعد غير مقصودة بالذات لنفسها فالغاية منها حصول غيرها ويظهر هذا القيد ان بين القواعد الأصولية وعلم الأصول عموم وخصوص مطلق.

●استنباط: هو استخراج المعاني من النصوص بفرط الذهن وقوة القريحة. وهذا اللفظ فيه دلالة إلى كلفة في استخراج المعنى من النصوص التى بها عظمت أقدار العلماء وهذا القيد أشارة إلى أن العمل بالقواعد الأصولية هو من اختصاص المجتهد الذي يملك فرط الذهن وقوة القريحة لاستخراج المعاني والأحكام، ويخرج به ايضا القواعد الفقهية.

●أحكام الفروع: أي أحكام المسائل الجزئية وهو أقرب إلى اصطلاح الفقهاء من الجزئيات.الفقهـيـة:قيد يخرج منه الأحكام التى تتعلق بالعلوم غير علم الفقه، وسيأتي تعريف الفقه في المطلب القادم.

●من أدلتـهـا: أي أدلة هذه الفروع أي الأدلة التفصيلية. 

 ●ومن ثمة فإن القاعدة الأصولية قضية كلية يتوصل بها الفقيه إلى إستنباط حكم شرعي من دليله التفصيلي وتفترق الأصولية عن الفقهية في أن مصدر الأولى علم اللغة والكلم فيما مصدر الثانية نص شرعي..

تابع قراءة الموضوع في الصفحة التالية

1 2الصفحة التالية
زر الذهاب إلى الأعلى