قراءة في مشروع المرسوم رقم 2.19.793 المتعلق بقطاعات و حالات إبرام عقد الشغل محددة المدة

3 –  شكلية العقود محددة المدة

عدم التنصيص على عقد مكتوب، سيشكل إشكالا كبيرا بالنسبة لحقوق كل من المشغل و الأجير على حد سواء، حيث لابد للعقد أن  يتضمن معلومات تهم مدة العقد ومكان تنفيذه، مبلغ الأجرة ومكان و كيفية تأديتها، بيانات المقاولة ، ورقم انخراط المقاولة والأجير في صندوق الضمان الاجتماعي . بالإضافة إلى توقيع كل من المشغل و الأجير ومصادق على صحة إمضائهما، كما أنه وبالرجوع إلى البند السادس من المادة الثانية  بمشروع المرسوم رقم 2.19.793 والذي جاء فيه كون المتعاقد بعقد محدد المدة يعوض أجير غادر عمله في انتظار التحاق أجير جديد لمدة لا تتجاوز السنة لكل مركز عمل، بمعنى إمكانية تمديد العقد شريطة تغيير مركز هذا الأجير ، وبالتالي و مع عدم التنصيص على عقد مكتوب يحدد لنا منصبه بالتحديد ، يمكن استغلال هذه النقطة لصالح المشغل، وبالتالي استمرارية الاشتغال بنفس الأجير ولمدة أطول من المدة المنصوص عليه قانونا ، و التي يمكن أن تخلق إشكال توالي العقود و ما إذا كان  ينتج معه نشوء علاقة شغل غير محددة المدة من عدمه، حيث في  القرار عدد 550 ” إن لجوء الفندق إلى إبرام عقود محددة المدة كان الهدف منه حرمان العارض من صفة العامل الرسمي، وذلك ما تأكد من خلال تصريحات الممثل القانوني للفندق في جلسة البحث، حيث قال (إنهم كانوا يبرمون مع المدعي عقدا محدد المدة، وبعد انتهائه، ينتظرون مرور يومين أو ثلاثة أيام ويبرمون معه عقدا جديدا لفترة محددة، وهكذا دواليك) زيادة على ذلك، فإنه حضرت عنه في جلسة البحث التي أجرتها المحكمة الابتدائية وأكد أن العارض كان يشتغل طول السنة وبدون انقطاع،  كما أدلى العارض بمجموعة وصولات أداء، تتعلق بأشهر مختلفة من السنة، وليس بفصل الصيف فقط كما يزعم الفندق … مما يعرض القرار المطعون فيه للنقض.   لكن حيث إنه لما كان الطرفان قد ارتبطا بعقود عمل في نطاق القانون النموذجي الصادر  في :23/10/1948، وقد تضمنت تلك العقود الصفة التي يعمل بها طالب النقض لدى مشغله (المطلوب في النقض) وهي: “عقد عمل مؤقت ومحدد المدة”، فإنه و الحالة هذه لا مجال للأخذ بقرينة العمل المستمر لأكثر من 12 شهرا المنصوص عليها في نفس  القانون للقول بأن طالب النقض أجير قار.   وحيث إن الفصل 230 من ق.ز.و العقود ينص على ما يلي: “الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة لمنشئيها…”‘ وبالتالي فإن المحكمة عندما خلصت إلى أن طالب النقض أجير مؤقت لدى المطلوب، اعتمادا على العقود المؤقتة المدلى بها في الملف، يكون قرارها المطعون فيه معللا بما فيه الكفاية في تبرير ما انتهى إليه، ومطابقا للقانون، و لا تقبل في النزاع بين المتعاقدين شهادة الشهود لإثبات ما يخالف أو يجاوز ما جاء في الحجة الكتابية عملا بالفصل 444 من ق.ز.و. العقود وتبقى الوسيلة على غير ذلك.   لهذه الأسبـاب قضى المجلس الأعلى برفض الطلب و بتحميل الطالب الصائر.”

4 – عقد محدد المدة وإشكالية استقرار الأجير بالمقاولة

رغم القول بأن مشروع المرسوم رقم 2.19.793 المتعلق بتحديد القطاعات والحالات الاستثنائية التي يمكن فيها ابرام عقد الشغل محدد المدة،  قد أتى بجديد يهم توسيع مجال تطبيق عقود الشغل محددة المدة و شروطها ، إلا أنه قد يتعارض وفكرة الاستقرار في مجال الشغل، الشيء الذي لن يخلق نوعا من الترابط بين الأجير والمقاولة .  

خاتمة

        ختاما لما سبق ومع مصادقة الحكومة على مشروع القانون رقم 2.19.793 المتعلق بتحديد القطاعات و الحالات الاستثنائية التي يمكن فيها إبرام عقد الشغل محدد المدة ، والتي تعتبر تقدما ملموسا في إخراج النصوص التنظيمية  إلى حيز الوجود توضيحا من المشرع لبعض الغموض الدائر حول مدونة الشغل والتي يعتبر مشروع المرسوم السالف الذكر أمرا مهما من حيث التخفيف على المقاولة التي تمر من بعض الظروف الاستثنائية تعويضا منها للخسائر المتوقع حصولها بسبب توقف العمل أو تزايده،  إلى غيرها من الاستثناءات الواردة فيه ، كما أن فتح باب التعاقد في قطاعات و مجالات متعددة ومتنوعة من شأنه تقليص نسبة البطالة و إن بشكل مؤقت ، الشيء الذي يمكنه من تدوير عجلة التنمية وتماشيا مع ما يتم العمل به في عديد من الدول كإسبانيا التي تستخدم مثل هذه الأنواع من العقود بشكل كبير في مجالات  متعددة كالفلاحة وغيرها .

        إلا أنه قد تنشأ تناقضات بين مشروع المرسوم إن تمت الموافقة عليه وتطبيقه و ما جاء بمدونة الشغل في عديد من النقاط ، قد تظهر مع بدأ سيرانه وتطبيقه .

فهل يا ترى لمشروع المرسوم رقم 2.19.793 علاقة بمشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب ؟

الملحق

قراءة في مشروع المرسوم رقم  2.19.793 المتعلق  بقطاعات و حالات إبرام عقد الشغل محددة المدة

قراءة في مشروع المرسوم رقم  2.19.793 المتعلق  بقطاعات و حالات إبرام عقد الشغل محددة المدة

المراجع

الكتب بالعربية

  • صباح كوتو ، دروس في القانون الاجتماعي ،الطبعة الرابعة ،مكتبة قرطبة  
  • عبد اللطيف كرازي ، دراسة في القانون الاجتماعي المغربي  دراسة نظرية تطبيقية معززة بمستجدات تشريعية و اجتهادات قضائية ، الطبعة الأولى ، مطبعة قرطبة ، 2019
  • عمر أزوكار ، قضاء محكمة النقض في مدونة الشغل ،الطبعة الأولى ، الجزء الثاني ، مطبعة النجاح الجديدة ، 2019

مجلات قانونية

نصوص قانونية

  • ظهير شريف رقم 1.03.194 صادر في 14 من رجب 1424 (11 سبتمبر 2003) بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل
  • مشروع القانون رقم 2.19.793 المتعلق بتحديد القطاعات و الحالات الاستثنائية التي يمكن فيها إبرام عقد الشغل محدد المدة
  • مرسوم رقم 2.04.570 صادر في 16 من ذي القعدة 1425 (29 ديسمبر 2004) بتحديد شروط تشغيل الأجراء خارج مدة الشغل العادية

القرارات والأحكام مغربية

  • القرار عدد 711 الصادر بتاريخ 10 يونيو 2009 في الملف عدد 848/5/1/2008
  • قرار عدد 1070 الصادر بتاريخ 15 شتنبر 2011في الملف الاجتماعي عدد 1078/5/1/2010
  • القرار عدد 1545 المؤرخ في : 03/11/2011 ملف اجتماعي عدد : 59/5/1/2001
  • القرار عدد 890 الصادر بتاريخ 10 ماي 2012 في الملف الاجتماعي عدد 828/5/1/2011
  • القرار عدد 1473 الصادر بتاريخ 27 أكتوبر 2011 في الملف الاجتماعي عدد 1119/5/1/2010

[1] ظهير شريف رقم 1.03.194 صادر في 14 من رجب 1424 (11 سبتمبر 2003) بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل

[2]المادة 16 من مدونة الشغل

“يبرم عقد الشغل لمدة غير محددة، أو لمدة محددة، أو لإنجاز شغل معين.

يمكن إبرام عقد الشغل محدد المدة في الحالات التي لا يمكن أن تكون فيها علاقة الشغل غير محددة المدة.”

[3]  لقد حدد المشرع مجالات تطبيق عقود الشغل محددة المدة من خلال الفقرة الأخيرة من المادة 16 من مدونة الشغل بالإضافة إلى المادة 17 من نفس المدونة.

[4] صباح كوتو ، دروس في القانون الاجتماعي ،الطبعة الرابعة ،مكتبة قرطبة ، 2014 ، الصفحة  82

[5]  مشروع المرسوم رقم 2.19.793  بتحديد القطاعات والحالات الاستثنائية التي يمكن فيها ابرام عقد الشغل محدد المدة

[6]  المادة 16 من مدونة الشغل 

“يبرم عقد الشغل لمدة غير محددة، أو لمدة محددة، أو لإنجاز شغل معين.

يمكن إبرام عقد الشغل محدد المدة في الحالات التي لا يمكن أن تكون فيها علاقة الشغل غير محددة المدة.

وتنحصر حالات إبرام عقد الشغل محدد المدة فيما يلي:

– إحلال أجير محل أجير آخر في حالة توقف عقد شغل هذا الأخير، ما لم يكن التوقف ناتجا عن الإضراب؛

– ازدياد نشاط المقاولة بكيفية مؤقتة؛

– إذا كان الشغل ذا طبيعة موسمية.

يمكن إبرام عقد الشغل محدد المدة في بعض القطاعات والحالات الاستثنائية التي تحدد بموجب نص تنظيمي بعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا أو بمقتضى اتفاقية شغل جماعية.”

[7]  عبد اللطيف كرازي ، دراسة في القانون الاجتماعي المغربي  دراسة نظرية تطبيقية معززة بمستجدات تشريعية و اجتهادات قضائية ، الطبعة الأولى ، مطبعة قرطبة ، 2019 ، الصفحة 75

[8] القرار عدد 711 الصادر بتاريخ 10 يونيو 2009 في الملف عدد 848/5/1/2008

[9]  قرار عدد 1070 الصادر بتاريخ 15 شتنبر 2011في الملف الاجتماعي عدد 1078/5/1/2010

[10]  “… وقد تم إجراء محاولة صلح بين الطرفين أمام مفتش الشغل بمقتضى المحضر المؤرخ في 07/08/2007 …لم ينفذ لإصرار المشغل على توقيع الأجير على العقد الجديد محدد المدة  المدلى به في الملف و رفض هذا الأخير التوقيع عليه ، فتمت إحالة الطرفين من جديد على المحكمة بمقتضى المحضر المؤرخ في 10/07/2007 … و أنها ألزمته بإبرام عقد محدد المدة الشيء الذي ينبغي معه رد الطعن المذكور لعدم ارتكازه على أساس يكون ما انتهى إليه معللا تعليلا كافيا و مرتكزا على أساس  و غير خارق للمقتضيات المستدل بها والوسيلتين على غير أساس .

لهذه الأسباب

قضت محكمة النقض برفض الطلب وبتحميل الطالبة الصائر .”

 القرار عدد 1545 المؤرخ في : 03/11/2011 ملف اجتماعي عدد : 59/5/1/2001

عمر أزوكار ، قضاء محكمة النقض في مدونة الشغل ،الطبعة الأولى ، الجزء الثاني ، مطبعة النجاح الجديدة ، 2019 ، الصفحة 121

[11] القرار عدد 890 الصادر بتاريخ 10 ماي 2012 في الملف الاجتماعي عدد 828/5/1/2011

[12]  المادة 17 من مدونة الشغل

“يمكن في القطاعات غير الفلاحية، عند فتح مقاولة لأول مرة أو مؤسسة جديدة داخل المقاولة أو إطلاق منتوج جديد لأول مرة، إبرام عقد الشغل محدد المدة، لمدة أقصاها سنة قابلة للتجديد مرة واحدة. ويصبح العقد بعد ذلك في جميع الحالات غير محدد المدة.

غير أن العقد المبرم لمدة أقصاها سنة يصبح، في حالة استمرار العمل به إلى ما بعد أجله، عقدا غير محدد المدة.

وفي القطاع الفلاحي يمكن إبرام عقد الشغل محدد المدة لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد، على أن لا تتجاوز مدة العقود المبرمة سنتين، ويصبح العقد بعد ذلك غير محدد المدة.”

[13] القرار عدد 1473 الصادر بتاريخ 27 أكتوبر 2011 في الملف الاجتماعي عدد 1119/5/1/2010

[14] المادة 189 من مدونة الشغل “يمكن، في حالة توقف الشغل جماعيا في مؤسسة أو في جزء منها لأسباب عارضة أو لقوة قاهرة، تمديد فترة الشغل اليومية لاستدراك ساعات الشغل الضائعة بعد استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم.

يمنع في كل الأحوال:

– العمل لأكثر من 30 يوما في السنة لاستدراك الساعات الضائعة؛

– أن تفوق مدة التمديد ساعة في اليوم؛

– أن تفوق مدة الشغل اليومية 10 ساعات.”

[15] المادة 190 من مدونة الشغل “إذا كان الشغل الذي يؤديه أجراء في مؤسسة ما، شغلا متقطعا أصلا، أو عندما تقتضي الضرورة تأدية أشغال تحضيرية أو تكميلية لا غنى عنها للنشاط العام للمؤسسة، مع استحالة إنجازها في حدود مدة الشغل العادية، فإنه يمكن تمديد فترة شغل الأجراء المخصصين لتنفيذ تلك الأشغال إلى ما بعد المدة العادية المذكورة، على ألا تتجاوز الفترة الممددة اثنتي عشرة ساعة في اليوم كحد أقصى.”

[16] المادة 192 من مدونة الشغل إذا تطلب الأمر القيام في مقاولة ما، بأشغال مستعجلة تقتضي الضرورة إنجازها فورا، من أجل اتقاء أخطار وشيكة، أو تنظيم تدابير نجدة، أو إصلاح ما تلف من معدات المقاولة، أو تجهيزاتها، أو بناياتها، أو لتفادي فساد بعض المواد، جاز تمديد مدة الشغل العادية، بالاستمرار في الشغل طيلة يوم واحد، ثم تمديدها بساعتين، خلال الأيام الثلاثة التي تلي ذلك اليوم.”

[17] المادة 196  من كدونة الشغل “يمكن، إذا تحتم على المقاولات أن تواجه أشغالا تقتضيها مصلحة وطنية، أو زيادة استثنائية في حجم الشغل، تشغيل أجرائها خارج مدة الشغل العادية، وفق الشروط التي ستحدد بنص تنظيمي[17]، شرط أن تدفع لهم بالإضافة إلى أجورهم، تعويضا عن الساعات الإضافية.”

[18]  مرسوم رقم 2.04.570 صادر في 16 من ذي القعدة 1425 (29 ديسمبر 2004) بتحديد شروط تشغيل الأجراء خارج مدة الشغل العادية، الجريدة الرسمية عدد 5279 بتاريخ 21 ذو القعدة 1425 (3 يناير 2005)، ص 17.

 [19] – مرسوم رقم 2.04.570 صادر في 16 من ذي القعدة 1425 (29 ديسمبر 2004) بتحديد شروط تشغيل الأجراء خارج مدة الشغل العادية، الجريدة الرسمية عدد 5279 بتاريخ 21 ذو القعدة 1425 (3 يناير 2005)، ص 17.

الصفحة السابقة 1 2 3
زر الذهاب إلى الأعلى