قراءة في مشروع المرسوم رقم 2.19.793 المتعلق بقطاعات و حالات إبرام عقد الشغل محددة المدة

ثانيا : مستجدات  مشروع المرسوم 2.19.793

بالإضـافـة للأسباب الاستثـنـائية المـتعلـقـة بإبـرام عقود الشـغـل محــددة في المـــــادة 16 و 17 من مدونة الشغل، جاء مشروع المرسوم رقم 2.19.793 المتعلق بتحديد القطاعات والحالات الاستثنائية الممكن معها إبرام عقد الشغل محدد المدة، متضمنا لثلاث مواد أساسية، تطبيقا لما تضمنته الفقرة الأخيرة من المادة 16 من مدونة الشغل والتي جاء فيها ” يمكن إبرام عقد الشغل محدد المدة في بعض القطاعات والحالات الاستثنائية التي تحدد بموجب نص تنظيمي بعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا أو بمقتضى اتفاقية شغل جماعية.” وبهذا جاء مشروع المرسوم السالف الذكر ليكون بمثابة النص التنظيمي الذي يمكن الاعتماد عليه،  في حالات محصورة ومحددة بدقة ، والذي  حدد في مادته الأولى نطاق تطبيق عقود الشغل محددة المدة، وذلك في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات الفلاحية والصناعة التقليدية وفي حالات استثنائية حددت في :

  1. استدراك ما تبقى من ساعات الشغل الضائعة التي تعذر استدراكها عملا بأحكام المادة 189 من مدونة الشغل[14] ، شريطة أن يتم العمل في حدود الثلاثين (30) يوما المنصوص عليها في نفس المادة ، وذلك بعد استشارة مندوبي الأجراء و الممثلين النقابيين عند وجودهم ؛
  2. إنجاز الأشغال المحددة في المادة 190 من مدونة الشغل[15]، التي يتعذر القيام بها عملا بأحكام المادة المذكورة وذلك في حدود ما يتطلبه إنجاز هذه الأشغال؛
  3. القيام بالأشغال المنصوص عليها في المادة 192 من مدونة الشغل[16]، التي تعذر القيام بإنجازها عملا بأحكام المادة المذكورة. وذلك في حدود ما تقتضيه تتمة إنجاز هذه الأشغال ودون تجاوز الأربعة أيام المنصوص عليها في نفس المادة؛
  4. الاستجابة للزيادة الاستثنائية في حجم الشغل بالمؤسسة ، التي تعذرت تلبيتها عملا بأحكام المادة 196 من مدونة الشغل [17] والنص التنظيمي الصادر بتطبيقها[18] ، وذلك لعد استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين عند وجودهم ، شريطة أن تتم هذه الاستجابة في حدود ما تبقى من ساعات لازمة لهذا الغرض ، و في حدود السقف الذي تسمح به مقتضيات النص التنظيمي المذكور بالنسبة لكل أجير

أما بخصوص المادة الثانية من مشروع المرسوم رقم 2.19.793 والتي جاء فيها أنه يمكن أيضا إبرام عقد الشغل محدد المدة بالإضافة إلى ما جاءت به المادة الأولى من مشروع المرسوم  والتي حددت في  سبع (7) حالات  وهي :

  1. القيام بأشغال مؤقتة لا تدخل ضمن الأنشطة العادية للمؤسسة و لا يمكن لأجراء المؤسسة القيام بها ؛
  2. تنظيم أنشطة تكتسي بطبيعتها طابعا مؤقتا كالمعارض العمومية والأنشطة الترفيهية؛
  3. إنجاز أوراش أو مشاريع لا تتعدى مدة إنجازها سنة ،  طيلة المدة التي يتطلبها استكمال هذه الأوراش أو المشاريع ، وذلك في حدود مرتين مع نفس المشغل ؛
  4. إنجاز ورش أو مشروع تتعدى مدة إنجازه سنة ،  طيلة المدة التي يتطلبها استكمال هذا الورش أو المشروع ، وذلك في حدود مرة واحدة مع نفس المشغل ؛
  5. تشغيل الأجراء البالغين من العمر 58 سنة فما فوق  والذين فقدوا شغلهم ، وذلك من أجل استكمال مدة التأمين المحددة بموجب الفصل 53 من الظهير الشريف رقم 1.72.184 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي كما تم تتميمه و تغييره ؛
  6. تعويض أجير غادر عمله في انتظار التحاق الأجير الجديد بهذا العمل ، وذلك في حدود تعاقد واحد لا تتجاوز مدته سنة لكل مركز عمل ؛
  7. مغادرة أجير بصفة نهائية لمنصب عمله الذي تقرر حذفه ، وذلك في حدود تعاقد واحد لا تتجاوز مدته سنة .

وقد جاءت المادة الثالثة من مشروع المرسوم رقم 2.19.793 بإسناد تنفيذ هذا المرسوم ونشره في الجريدة الرسمية إلى وزير الشغل .

وبالتالي فمشروع المرسوم 2.19.793 و بعد الموافقة عليه وتطبيقه سوف يملئ فراغات تشريعية كانت ولا زالت تخلق العديد من علامات الاستفهام حول تعامل المشرع معها والتي ترهق كاهل كل من المشغل و الأجير في الحالات التي يتعذر معها القيام بمجموعة من الأعمال التعويضية التي من شأنها المساس بالمقاولة باعتبارها مصدر رزق لأطراف العلاقة الشغلية واستمرارا للنمو الاقتصادي ببلادنا إلا أنه قد تخلق بعض الإشكالات وهو الشيء الذي سوف نناقشه لاحقا .

ثالثا : الإشكالات الممكن توقعها في مشروع المرسوم 2.19.793

يعتبر مشروع المرسوم رقم 2.19.793 والمتعلق بتحديد القطاعات والحالات الاستثنائية التي يمكن فيها إبرام عقد الشغل محدد المدة، بالإضافة إلى كونه سيوفر حلولا لتجاوز العديد من الأزمات التي قد تؤثر على سيرورة المقاولة بالشكل العادي نتيجة للزيادة في الأشغال ، أو تأدية أشغال تحضيرية أو تكميلية لا غنى أو مستعجلة تقتضي الضرورة إنجازها ، بالإضافة إلى توقف الشغل جماعيا بالمؤسسة أو في جزء منه لأسباب عارضة أو بفعل القوة القاهرة، بالإضافة إلى العديد من الاعمال الضرورية القيام بها قد تقتضيها المصلحة الوطنية والتي حاول مشروع المرسوم 2.19.793 والمتعلقة بالمواد 189-190-192-196 مع مراعاة ما جاء به المرسوم رقم  2.04.570 [19]  والمتعلق بتحديد شروط تشغيل الأجراء خارج مدة الشغل العادية .

إلا أن مشروع المرسوم رقم 2.19.793 قد تعتريه بعض الإشكالات والتي يمكن تحديدها في النقاط التالية :

1 – عقد الشغل محددة المدة و حالة إضراب الأجراء عن العمل

  • جاء البند الأول من المادة الأولى ، والمتعلق باستدراك ما تم ضياعه من ساعات العمل والمتمثل فيما جاء بالمادة 189 من مدونة الشغل والتي تعطي للمشغل الحق في إبرام عقود شغل محددة المدة، وذلك في حالة توقف الشغل جماعيا أو في جزء منها لأسباب عارضة ، والتي و مع إعطاء المشغل هذا الحق الذي قد يتم استغلاله كوسيلة للضغط على الأجراء في حالة قيامهم بإضراب  للمطالبة بحقوقهم، بالرغم من عدم صدور أي قانون ينظم الإضراب ، كأن المرسوم جاء ليمهد الطريق أمام المشغلين لامتلاك ورقة ضغط تستعمل في وقتها و لأسباب قد تكون ردعية بيد المشغل تجنبا للإغلاق كرد على الإضراب، وهو الشيء المخالف لما جاءت به المادة 16 من مدونة الشغل في بندها الثاني من الفقرة الأولى والتي جاء فيها “- إحلال أجير محل أجير آخر في حالة توقف عقد شغل هذا الأخير، ما لم يكن التوقف ناتجا عن الإضراب؛…”.

2 – استشارة الممثلين النقابيين ومندوبي الأجراء

  • v    حيث  إن المشرع  لم يحدد مسألة إلزامية الموافقة على إبرام عقود شغل محددة المدة عند استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين عند توفرهم، و تركها متعلقة باستشارة فقط .
الصفحة السابقة 1 2 3الصفحة التالية
زر الذهاب إلى الأعلى