حقوق الإنسان بين الأديان والمواثيق الدولية

حقوق الإنسان بين الأديان والمواثيق الدولية

حقوق الإنسان بين الأديان والمواثيق الدولية

حقوق الإنسان بين الأديان والمواثيق الدولية

بقلم الباحث : مبارك الهرد                          

   يعتبر القانون الدولي مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين أشخاص القانون الدولي العام، في فترة السلم والحرب؛ فبعدما كان سابقا هذا القانون ينظم العلاقات الدولية، أصبح اليوم الإنسان من الأشخاص المعنيين بهذا القانون نظرا لما شاهده العالم من انتهاكات، وخروقات لحقوق الإنسان، بمختلف أنواعها وتجلياتها بسبب تصادم المصالح، وعدم قيامها على أسس إنسانية مما يطرح نوعا من التعقيد يحول دون احترام لهذه الحقوق.

فإذا كان القانون الدولي يفرض الزاميته على الفاعلين الدوليين، فهذا يعنى سيادته وقدرته على حماية حقوق الإنسان المنصوص عليها في مجموعة من المواثيق الدولية، والتي يتغن بها العالم في منابره، ويبحث عن توسيع لهذه الحقوق، والدفاع عنها بغية الوصول إلى مرحلة مثالية يحس فيها بني الإنسان أنه يتمتع بمجمل حقوقه، وبالتالي تحقق إنسانية عادلة.

فإذا كانت المواثيق الدولية هي المصدر الأساسي للقانون الدولي باعتبارها تجسد إرادة الدول التي قامت بإنشائها عن طريق التفاوض المفضي إلى المعاهدات، والاتفاقيات التي تلتزم بها بعد انشائها، أو انظمت إليها في مرحلة سريانها، هذا لا يعنى كون حقوق الإنسان غير موجودة قبل هذه المواثيق، بل جاءت بها الأديان السماوية، وحتى الوضعية. لكن هناك اختلافات في كيفية النظر إلى هذه الحقوق بين من وسع فيها وجعلها كونية من جهة،  وبين من ضيق في مفهومها، وجعلها معدومة من جهة أخرى. 

 فعموما المواثيق الدولية مصدرها إرادة الدول، وبالتالي لابد أن تجسد العدالة بين أشخاص القانون الدولي- علما أن الإرادة الجماعية لا يمكن أن تتناقض مع الإرادة الفردية- لأن مجموع هذه الأخيرة هو الذي يحقق لنا الأولى رغم الانفصال التام بينهما.

لكن السؤال المطروح في هذا الإطار، ما هو دور الأديان في التأسيس لحقوق الإنسان؟ وإلى أي حد ساهمت في بلورة هذه الحقوق؟ وماهي أهم المواثيق الدولية لحقوق الإنسان؟ وما مدى احترام مقتضياتها من طرف المجتمع الدولي؟

مشكلة الدراسة :

    شهد المجتمع الدولي مؤخرا مجموعة من الخروقات للقانون الدولي، خصوصا من طرف الدول القوية التي طالما سعت إلى فرض هيمنتها وتفسير قراراتها الانفرادية بالمشروعية، وذلك بالاتكاء على النصوص الغامضة من الميثاق الأممي، وكدا عدم تحرك الدول والمنظمات الدولية في ظل تزايد هذه الخروقات، خصوصا ما نلاحظه الآن في فلسطين من انتهاك لحقوق الإنسان من طرف الكيان الصهيوني، وبالتالي وجود مفارقة بين النظرية والتطبيق، مما يثير إشكالات عدة مرتبطة بمدى إلزامية القانون الدولي ومدى فعالية المؤسسات الدولية، ونزيد إلى هذا أن هناك إغفال لدور الأديان  في النهوض بحقوق الإنسان، خصوصا الدين الإسلامي الذي طالما حاول الغرب القضاء عليه خوفا من ما قد يترتب عن زيادة انتشاره على الغرب، في إطار ما يمكن أن نسميه حرب القيم والثقافات.

أهمية الدراسة :

   تتجلى أهمية هذه الدراسة في كونها ترجع بنا إلى المراحل الحقيقية لظهور حقوق الإنسان والنهوض، بها وأعني هنا قبل ظهور المواثيق الدولية التي تعتبر الآن المرجعية الأساسية لهذه الحقوق بعدما تبتثها الأديان السماوية، والوضعية على حد سواء في الماضي، ووضعت أسسها، فجعلت الإنسان ينتقل من تصورات عقلية ضيقة إلى أخرى واسعة وشمولية- رغم ان هناك أديان وضعية ضيقت من مفهوم حقوق الإنسان، وانطلقت من مقاربات فلسفية غير عقلانية خصوصا في القارة الآسيوية- .

فبما أن حقوق الإنسان تتكئ اليوم على المواثيق الدولية كما ذكرنا أعلاه، فإنها مازالت لا تتصف بالكونية، والشمولية العادلة. ولعل الدليل على ذلك وجود انتهاكات لهذه الحقوق، في مختلف الأقطار العالمية خصوصا في البلدان الإسلامية التي شهدت مجموعة من انتهاكات لهذه الحقوق على يد الغرب الذي يبحث عن مصالحه، ويفسر تدخلاته اللاإنسانية بالمشروعة، وكدا لا ننسى أن العقوبات الدولية التي يفرضها مجلس الأمن على الدول المنتهكة للقانون الدولي تمس بحقوق الإنسان خصوصا العقوبات الاقتصادية منها.

   ونتيجة لما يكتسيه الموضوع من أهمية بالغة سوف نتناوله عبر مطلبين، نتناول في الأول علاقة الأديان بحقوق الإنسان، ونتناول في الثاني العلاقة التي تربط بهذه الحقوق والمواثيق الدولية، مع الإشارة إلى العقوبات الاقتصادية الدولية كآلية فعلية بيد مجلس الأمن لتحقيق الردع وتأثيرها على حقوق الإنسان، ثم البدائل التي تعوض تلك العقوبات ومدى فعاليتها،- ونتحدث هنا عن العقوبات الدولية الذكية-. 

إقرأ أيضا : رسالة لنيل ماستر حقوق الإنسان بعنوان “الحماية الاجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي”

1 2 3الصفحة التالية
زر الذهاب إلى الأعلى