المغرب في مواجهة فيروس كورونا

هيباوي كريم  المغرب في مواجهة فيروس كورونا
هيباوي كريم

المغرب في مواجهة فيروس كورونا

المغرب في مواجهة فيروس كورونا

بقلم هيباوي كريم حاصل على ماستر في القانون المدني الاقتصادي

     بداية أريد أن أشير أن هذا المقال استدعته الظروف ولم يكن لي الوقت الكافي لإعداده، كما لا يتضمن أي مرجع معين لأنه ليس لدي أي مرجع اعتمده لكتابة هذا المقال، و بكل بساطة لأن كل المكتبات مغلقة بسبب هذا الظرف الاستثنائي فقط كل ما هنالك مجرد أفكار حاولت أن أدونها وإن كنت بعد الحين و الآخر أعود إلى بعض الكتب الإلكترونية من أجل ضبط تواريخ بعض الأحداث التي كانت جد مهمة وأترث على المجتمع المغربي و إن كانت مختلف بشأنها لأن جدورها تعود إلى القرون السابقة.

     إن الأوبئة بوجه عام تعتبر من الأمور الطبيعية التي يمكن أن تصيب أي دولة بغض النظر عن مستواها الاقتصادي و الاجتماعي وكما هو معلوم أن طرق تصرف الدولة مع وباء معين يؤثر عليها إما بطريقة سلبية من خلال تضررها بسبب هذا الفيروس أو  يؤثر عليها بطريقة إيجابية من خلال حسن تعاملها مع الوباء ومقاومتها له عن طريق الابتكار و محاولة معرفة أسبابه لكشف العلاج مما يساعد ذلك على نمو الدولة وتقدمها العلمي مما يجعلها تحتل مكانة متميزة ضمن الدول المتقدمة وهذا سيساهم بلا شك في تقدم المملكة المغربية إن تمكنت من تجاوزه، لذلك فإذا أردنا أن نبحث في مستقبل معين فلا بد من وضع خطوة للوراء حتى تتضح لنا الصورة من أجل الاستفادة من الأخطاء السابقة ومن هنا نتساءل كيف تعامل المغرب مع مختلف الأوبئة التي شهدها المجتمع المغربي وكيف سيتعامل مع فيروس كورونا الحالي ؟

الفقرة الأولى: تاريخ تحديات المغرب في مواجه الأوبئة

الفقرة الثانية: تحديات المغرب ضد فيروس كورونا

     لقد عرف المغرب عبر مساره التاريخي العديد من الأزمات الاجتماعية حيث خلفت أضرار لا يمكن للعقل البشري أن يتصورها، وقد كانت لكل محطة من هذه المحطات تسمية خاصة بها لذلك سأحاول فقط أن أشير إلى أهم المحطات دون السرد الممل فقط من أجل تبيان أن فيروس كورونا يعتبر كباقي الفيروسات التي عرفها العالم بشكل عام و المغرب بشكل خاص، و إن كنت لم أذكر إلا بعضها لأن غايتي من هذا المقال ليست هي معرفة عدد الأوبئة التي عرفها المغرب و تسمياتها و إن كانت بعضها عرفتها حتى باقي الدول وإنما فقط لمحاولة و تبيان كيفية الخروج من هذه الأزمة العالمية بأقل الخسائر بغض النظر عن المستوى الاقتصادي لأن المسألة، مسألة وعي و ثقافة و ليست مسألة قوة و ضخامة.

الفقرة الأولى: تاريخ تحديات المغرب في مواجه الأوبئة

* زمن المجاعة 1721-1724:

تعتبر هذه الحقبة زمنية مجرد نموذج للمجاعة فمند سنة 1721 بدأ الغلاء في المعيشة و إن كان البعض يقول أن هذه الفترة سميت بالمجاعة لأن الناس كانوا يأكلون و لا يشبعون مما أدى بذلك إلى نقص في الطعام زيادة على عدم سقوط أمطار مما أثر ذلك سلبا على المجتمع المغربي في تلك الحقبة وساهم في تصاعد الأسعار و الأثمنة خاصة تلك المتعلق بالمواد الغذائية مما أدى بذلك إلى عدد كبير من الوفيات و إن كان لم يتم تحديد عددهم لأن آنذاك لم يكن عدد سكان المغاربة محددون بدقة، و قد عرف المغرب المجاعة في محطات أخرى مختلفة و في قرون أخرى،

إلا أنه في نفس القرن و بالضبط في سنة 1774 تضاعف أسعار لمختلف المواد الغذائية بالمغرب بعد الجفاف، وهناك فترات أخرى عرف فيها المغرب المجاعة في نفي القرن سنة 1776 و كذا سنة 1779 و ظهرت كذلك  مجاعة أخرى في القرن العشرين سنة 1945 أيضا حيث تعتبر من بين أخطر الحقبات التي واجهها المغرب خاصة في ظل الحرب العالمية الثانية مما انعكس ذلك سلبا على الوضعية الاقتصادية  و الاجتماعية للبلاد مما الشيء الذي أدى إلى انتشار الأمراض و الهجرة القروية.

* زمن الطاعون:

كما هو الشأن بالنسبة للمجاعة أيضا لم يتم تحديد فترته بدقة و إن كانت أيضا محطاته مختلفة و متفاوتة فهناك من يرجعه إلى منتصف القرن الثامن عشر وهناك من يرجعه إلى الأواخر من نفس القرن، حيث بدأ انتشاره في مختلف الدول المجاورة وأخص بالذكر تونس و الجزائر و مصر وكذا مرسيليا إلى أن وصل للمغرب حيث كان في اليوم يموت المئات بل الآلاف من الأشخاص المغاربة بسبب الطاعون.

* زمن الكوليرا:

كان لهذا الوباء فترات مختلفة حيث بدأ مند سنة 1834 إلى حدود سنة 1878 إلا أنه لم يكن في هذه الفترة متواصلا وإنما جاء عبر فترات متفاوتة وتقريبا  كل عشر سنوات و الذي كان يعرف عند المغاربة بعام “بوكليب” و تكاد ترتبط أسبابه بقلة النظافة والحملات الاستعمارية الفرنسية والإسبانية المتلاحقة على المنطقة إضافة إلى عدم أخذ الحجاج الذين أية احتياطات وقائية أثناء مرورهم لمجموعة من الدول  الشيء الذي تسبب مرة أخرى في المجاعة.                                              

* عام البون:

عام البون و ليس زمن البون لأن فترته كانت محددة ما بين سنة 1944  و سنة 1945 أي أن المغرب في هذا المرحلة كان تحت الحماية الفرنسية حيث فرضت فرنسا على المغرب سياسة جديدة للتعامل مع أزمة الغذاء الأمر الذي لم يكن يخدم مصلحة المغاربة حيث كان المواد تقتنى عن طريق ” البون ” الذي يعتبر بمثابة ورقة أو وصل .                                                                                     

الفقرة الثانية: تحديات المغرب ضد فيروس كورونا

لا بد لي أن أشير أن لكل وباء مميزات و خصوصيات تميزه عن باقي الأوبئة نفس الأمر بالنسبة لفيروس كورونا المعروف ب (COVID-19) ، لذلك إن أول ما يميز هذا الفيروس هو أنه يعتبر بمثابة فيروس عالمي وغير متعلق فقط بالمغرب، أيضا أنه لا يعترف بالقوة الاٌقتصادية للدولة ومرتبتها العالمية على مختلف المستويات و دليلنا في ذلك أن الصين كانت من أكبر الدول المتضررة عالميا، وقد تسبب في إغلاق مختلف دول العالم كما خلف و سيخلف تداعيات اقتصادية لمختلف الدول و بالتالي فالأمر يتعلق فقط بوعي المواطن قبل الدولة، وإذا كان لفيروس كورونا العديد من السلبيات فله بعض الإيجابيات ولعل في مقدمتها التضامن الاجتماعي الشيء الذي جعل المملكة المغربية أن تتبنى الدور الإستباقي لهذا الوباء مما دفع المغرب أن يأخذ مجموعة من القرارات الحاسمة قبل انتشار هذا الوباء ولعل في مقدمتها:

اقرأ أيضا : تعرف على أسوأ حكومتين في تاريخ المغرب !

*إحداث صندوق خاص من طرف صاحب جلالة الملك محمد السادس لمواجهة فيروس كورونا

حيث سيتم تمويله إلى جانب المؤسسة الملكية أيضا من طرف مجموعة من الهيئات الأخرى، باعتبار هذا الظرف هو ظرف طارئ وينبثق من الدستور المغربي خاصة الفصل 31 الذي وضع مجموعة من الحقوق التي على المؤسسات العمومية     والجماعات الترابية أن تسهر على حمايتها ولعل في مقدمتها العلاج و العناية الصحية .

*إحداث لجنة لليقظة لمناقشة التدابير المقررة لحمايتها خاصة تلك المتعلقة بالوضعية الاقتصادية للمملكة خاصة الأجراء و العمال الذين قد يتأثرون بهذا الوضع.

   فقط حاولت أن أذكر بعض التدابير التي قامت بها المملكة المغربية و إن كانت قد قامت بالعديد من الإجراءات و التدابير الأخرى، عموما إن مواجهة فيروس كورونا تبقى مسؤولية الجميع باعتباره أنه يعد بمثابة قوة قاهرة حيث أورد  المشرع المغربي تعريفا لهذا المصطلح في ظهير الالتزامات و العقود في الفصل 269 بأن القوة القاهرة هي كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه كالظواهر الطبيعية  (الفيضان و الجفاف و الحرائق و الجراد)، وغارات العدو و فعل السلطة، إلا أن الأمر هنا لا يتعلق بتنفيذ التزام معين و إنما نتحدث عن مواجهة فيروس الذي يمكن إما أن

يقضي علينا أم نقضي عليه، على إعتبار أنه مسؤولية الجميع وليس فقط مسؤولية المؤسسات العمومية أو مسؤولية الدولة بوجه عام، وبالعودة إلى الفصل 40 من الدستور المغربي للمملكة لسنة 2011 نجده ينص على أنه ” على الجميع أن يتحمل، بصفت تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، و كذلك تلك الناجمة عن الآفات و الكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد” مما يعني أنه انطلاقا من الفصلين 31 و 40 من الدستور المغربي باعتباره أسمى قانون البلاد و صادرا عن الأمة فإن المسؤولية تبقى مشتركة بين الدولة و المواطن هذا الأخير الذي لن يخضع إلى سن الأهلية و إنما نقصد به حتى القاصر الذي لم يتمم 12 سنة شمسية كاملة الذي يمكنه أن يؤثر بدوره على مستقبل البلاد.

*

    في ختام هذا القال الذي حاولت أن أحرره في سويعات قصيرة  إن ما مر على المغرب من أزمات في فترات سابقة ترك آثارا ثقافية وسياسية عميقة أسست الوعي للمجتمع المغربي، ولازالت تلك الأحداث لمن عاشها في تلك الحقبة الزمنية راسخة في الأذهان لذلك يجب على المواطن المغربي فقط سوى إتباع التعليمات التي تتم من طرف الحكومة وغيرها من الهيئات التي تعمل إلى جانبها، وعدم أخذ الموضوع باستهتار حتى نتمكن جميعا من مواجهة هذا الفيروس و القضاء عليها حتى تعود المياه إلى مجاريها الشيء الذي يمكنه أنه يساهم في تقدم المغرب و احتلاله لرتبة جديدة في مؤشر التنمية البشرية وجعل المغرب ضمن الدول التي تعتمد على الرأسمال اللامادي .

المغرب في مواجهة فيروس كورونا

حرر في 16 مارس 2020

زر الذهاب إلى الأعلى