الدعوى البولیانیة في التشریع المغربي والمقارن

الدعوى البولیانیة في التشریع المغربي والمقارن

الدعوى البولیانیة في التشریع المغربي والمقارن

الدعوى البوليانية في التشريع المغربي والمقارن

الدعوى البولیانیة في التشریع المغربي والمقارن

المساوي سليمان صلاح المجهد

طالبين باحثين بسلك الماستر القانون الخاص

 

تمهيد

يهدف القانون إلى بناء علاقات الأفراد في المجتمع على أساس التعاون المتبادل،ولدا ألزم القانون الفرد أن لا يتصرف تصرف يضر بغيره، وهدا الالتزام ما هو في الأصل إلى وأجب أخلاقي وديني أصلا.

والملاحظ,أن الدين والأخلاق والقانون لهم رسالة واحدة وهي خلق الثقة بين المتعاقدين ومحاربة جميع أنواع الغش،لأن الإنسان تقوم طبيعته على نية الخير في أغلب الأحيان ولكن قد تراوده نية السوء في بعض الأحيان الأخرى.

ونظرا لما سبق لفت نطري ،موضوع مهم في القانون المدني وهو موضوع قديم جديد في نفس الوقت وهو “الدعوى البوليانية” أي الدعوى المعروفة حديتا، بإسم دعوى “عدم نفاد التصرف”

فإن كان المبدأ العام يقتضي تنفيذ الالتزام بشكل تلقائي،فانه قد يحصل أحيانا أن يتقاعس المدين في تنفيذه،بل قد يفتعل الأسباب والوسائل حتى يصبح هدا التنفيذ مستحيلا. فقد يلجاء إلى تبديد دمته المالية بالتفويت في مكاسبه لأحد أقاربه خاصة عندما يكون التزامه ذا  قيمة مالية.

ويعد القانون الروماني المصدر التاريخي لدعوى البوليانية الذي أخذت منه معظم التشريعات أحكام هده الدعوى ،وهو ما كرسه التشريع الفرنسي لا فيطل القوانين القديمة ولا في القانون المدني الفرنسي في نص الفصل 7611،أما التشريع المغربي الذي يهمنا اكتر وبالرجوع إلى ظهير التزامات والعقود للبحت عما يسمى بدعوى البوليانية،فانه لن نجد لها مكان ضمت مقتضيات القانون المذكور، وبسبب هدا النقص نجد بعض الأحكام القضائية تتحايل وتقفز فوق الواقع القانوني الذي يشهد غيابا تنظيميا الدعوى المذكورة.

وهناك أهمية بالغة لدعوى البوليانية سواء على المستويين النظري أو العملي فنظريا تعتبر من الضمانات الممنوحة لدائن لعدم نفاد تصرف المدين.أما على المستوى العملي فهي تعتبر أداة في يد الدائنين لرفع هده الدعوى بهدف حماية حقوقهم .إلى أن ما يشكل مكمن دراستنا هو قصور التشريع المغربي على عكس بعض التشريعات المقارنة وحلول العمل القضائي ضد في رغبة المشرع .من هنا تبرز إشكالية مدى تطبيق القانون والقضاء المغربي والمقارن لدعوى البوليانية من عدمه؟

سنحاول فهم هده الإشكالية أعلاه من خلال مطلبين يتعلق الأول بماهية الدعوى البوليانية وشروطها (المطلب الأول) والتاني قصور التشريع المغربي وتباين الموقف في القانون المقارن (المطلب الثاني).

المطلب الأول: ماهية الدعوى البوليانية وشروطها

المطلب الثاني:قصور التشريع المغربي وتباين المواقف في القانون المقارن

المطلب الأول: ماهية الدعوى البوليانية وشروطها

إن البحت في موضوع قانوني ما يعتبر غير ذي جدوى إذا لم نبحت في تحديد مفهومه ،فوضع المفاهيم والمحددات هو جوهر البحث لهدا سنحاول من خلال هذا البحث المتواضع تحديد ماهية الدعوى البوليانية (الفقرة الأولى)تم تحديد شروط ممارسة هده الدعوى وما يترتب عنها من أثار(الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى :مفهوم الدعوى البوليانية

إن تحديد أي المفهوم هو جوهر البحث كما أن لكل مفهوم دلالاتوقواعد خاصة به (اولا) وحتى نتعرف على ماهية الدعوى البوليانية لابد من تميزها عن الدعاوى المشابهة (ثانيا).

أولا – مفهوم الدعوى البوليانية:

الدعوى البوليانية أو البوليصة [1] هي دعوى يرفعها الدائن بإسمه الخاص، ليدافع بها عن نفسه إذا كان المدين سيء النية بالنسبة لتصرفات التي تصدر عنه في مواجهة الدائن قاصدا من تصرفه الإضرار به،وبموجب هذه الدعوى يصبح التصرف الذي أبرمه المدين والمشوب بالغش غير نافد في مواجهة دائنيه بحيت[2]يعود المال إلى الضمان العام تمهيدا لتنفيذ عليه.

إدا كان الأصل أن المدين حر في التصرف في أمواله وأن هده التصرفات نافدة في حق دائنيه ،إلى أن هده الحرية تنفيذ لمصلحة الدائنين حفاظا على الضمان العام لدائنين او محاباة الغير على حساب الدائنين فيهب أمواله لصديق .

ولا بد من الإشارة إلى أن المشرع المغربي لم يأخذ يهدا النوع من الدعاوى على عكس باقي التشريعات المقارنة [3] خصوصا التشريع الفرنسي في نص الفصل 7611 من القانون المدني الفرنسي وإن كان العمل القضائي المغربي قد أخد بفكرة هذه الدعاوى في عدد من الحالات.

ثانيا: تميز الدعوى البوليانية عن بعض الدعاوى المشابهة

يحسن بنا ،في هده الفقرة ان نميز بين كل من الدعوى البوليانية والدعاوى المشابهة لها كا الدعوى  الصورية والدعوة غير المباشرة ودلك لتوضيح اكتر ماهية الدعوى البولينية.

أ.تميز الدعوى البوليانية عن الدعوى الصورية

ينبغي الإشارة في الاول إلى أنه هناك تشابه واضح بين كل من الدعوى البوليانية والصورية ففي كلتا الدعويين ،يهدف المدين إلى تجنب تنفيد الدائنين على أمواله والسبيل العادي أمام المدين لتحقيق دلك أن يلجاء إلى إبرام تصرفات جدية او صورية ودلك بهدف تقليل من فرص الدائنين من الحصول على حقوقهم من هده الأموال في هده الحالة تقترب دعوى الصورية من الدعوى البوليانية،ففي كلتا الحالتين على هؤلاء (الدائنين) إزالة أثر تصرفات المدين إما بدعوى الصورية،إذا توفرت شروطها او بدعوى البوليانية.

إلى أنه هناك فوارق بين الدعويين، حيت أن الدائن في الدعوى البوليانية يطعن في تصرف جدي طالبا إزالة قانونية حقيقية بينما يواجه الدائن خصمه في حالة دعوى الصورية ضد تصرف صوري ليثبت أنه غير حقيقي كما أنه لا يشترط أن يكون حق الدائن سابقاً على تصرف المدين فيدعوى الصورية بينما يشترط دالك في الدعوى البوليانية[4]

ويترتب على هذا الفرق الجوهري بين الدعوى البوليصة والصورية وجود نقط خلاف تفصيلية في شروط كل منهما والآثارالمترتبة وهو ما سنقوم بتوضيحه اكتر في الفقرة الثانية.

ب. تميز الدعوى البوليانية عن الدعوى غير المباشرة:

يقصد با الدعوى غير المباشرة الدعوى التي يدفع بها الشخص عن نفسه بفعل تهاون او غش المدين، إدا سكت عن المطالبة بحق لدى الغير،فيباشر الدائن بنفسه حقوق مدينه عن طريق الدعوى غير المباشرة.

من خلال التعريف يتبين أن هناك تشابه بين الدعوتين فا كلتا الدعوتين نظام قانوني يكفل حق الدائنين في التنفيذ على أموال مدينهم، حيث يشتركان في الهدف الأساسي و هو المحافظة على الضمان العام لدائنين[5] ،كما ان شرط الاعسار شرط ضروري في كل من الدعوى البوليانية والدعوى غير المباشرة[6]

وكما هو الحال با النسبة لدعوى الصورية والبوليانية والفوارق الشائعة بينهما فأنه هناك فوارق بين كل من الدعوى البوليانية وغير المباشرة، فأن كانت الدعوى البوليصية تهدف إلى حماية الدائن من التصرفات الجدية التي يعقدها المدين إضرارا بحقوقه فأن الدعوى غير المباشرة تحمي الدائن من موقف سلبي يتمثل في مجرد إهمال المدين وسكوته [7]

كما هناك فرق جوهري بين كلتا الدعويين فا الدائن في إطار الدعوى البوليانية يرفع الدعوى بإسمه الخاص ،بينما في الدعوى غير المباشرة يرفعها الدائن بإسم مدينه ونيابة عنه.

وما يبرز أكتر الاختلاف بينهما هو أن الحق الممنوح لدائن لكي يستعمل الدعوى البوليانية يختلف عن الحق الممنوح لدائن لاستعمال الدعوى غير المباشرة، فا يترتب عن دلك أن الدائن يستطيع أن يستعمل بصورة متتالية كل من الدعويين إدا اخفق في أحداهما لكن لا يستطيع أن يجمع بينهما في إجراء واحد فعلى سبيل المثال لا يمكن لدائن أن يستعمل الدعوى البوليانية في. تصرف يتمثل في بيع صدر عن مدينه، وفي نفس الوقت يستعمل حق المدين في المطالبة با الثمن عن طريق الدعوى غير المباشرة.

الفقرة الثانية : شروط الدعوى البوليانية

لكي تتحقق الدعوى البوليانية لابد من مجموعة من الشروط هده الأخيرة تتعلق با الدائن (الفقرة الأولى) و أخرى متعلقة با المدين (الفقرة الثانية).

أولا : الشروط المتعلقة با الدائن

حتى يستطيع هدا الدائن أن يمارس الدعوى البوليانية يجبان تتوفر في حقه بعض الشروط أهمها:

أ.أن يكون حق الدائن مستحق

يعد شرط استحقاق الدين من طرف الدائن الشرط الأساسي لممارسة الدعوى البوليانية فشرط أن يكون الدين مستحق يميز الدعوى البوليانية عن باقي الدعاوى الأخرى المشابهة كما تم الإشارة إليه أعلاه [8]

وتطهر الأهمية العلمية لهدا الشرط، في أنه لا يجوز لدائن الذي يكون حقه معلقا على شرط واقف ، أو مقترن بأجل أن يمارس الدعوى البوليانية.

من خلال ما ذكر أعلاه ،ننبه إلى أنه لا يوجد أي تعارض بين شرط استحقاق الدين وإعسار المدين الذي سنتحدث عنه لاحقا، نظرا لما الإعسار في هده النصوص من معنى خاص في الدعوى غير البوليانية يختلف عن الإعسار القانوني[9].ومن ناحية أخرى، فإن الأجل لا يسقط بمجرد الإعسار بل لابد لسقوطه من استصدار حكم ولتحقيق دلك لابد من وجود إعسار قانوني.

وإذا توفر في حق الدائن شرط استحقاق الدين، فان يستوي في استعمال الدعوى البوليصية كل دائن مهما كانت صفاته ، سواء كان دائن  شخصيا آو دائنا مرتهنا أو دائما له حق امتياز ، إذ لا يجوز أن يكون الرهن أو الامتياز الذي ، أريد به تقوية حق المدين سببا في إضعاف الدائن وحرمانه من ما هو ثابت لصائر الدائنين.

الشرط الثاني: أن يكون العمل الصادر عن المدين تصرفا قانونيا:

عرفنا ان الدعوى البوليانية هي دعوى يطعن بها الدائن في تصرف مدينه المشوي با الغش كما يقول الفقيه عبد الرزاق السنهوري ، أنه يمكن تجميع شروط الدعوى البوليانية كلها في شرط الغش وهدا الأخير لا يتوفر إلى إدا تصرفا المدين تصرفا قانونيا.

أما في حالة إدا كان عملا ماديا فلا يجوز الطعن فيه كما لو تسبب المدين عمدا أو إهمالا في الأضرار بالغير فا التزام وجعل هدا التزام معسرا فهنا ليس لدائن الطعن في العمل الغير المشروع ، فهو وبحكم أنه عمل مادي فهو نافد في حق الدائن كذلك لو ترك المدين عينا مملوكة له في يد الغير حتى أكتسبها هدا الغير بالتقادم ، فهنا ليس من المنصور طعن الدائن في هدا العمل المادي السلبي[10]

وتفصيلا لما ذكر ،أعلاه فكل تصرف قانوني صادر من المدين سواء صدر من جانب واحد كما هو في الوقف أو التنازل عن الوصية ، أو صدر من جانبين كم في البيع و الهبة ،بعوض أو تبرعا إلا ويتحقق به شرك ألمدكور لقيام الدعوى البوليانية.

وتطبيقا لهدا الشرط نفترض أن المدين باع عينا أو حقا شخصيا في ذمة مدين له بطريقة الحوالة فقد انقص من حقوقه حقا عينيا أو شخصيا ،أما الثمن الدي قبضه فيجب أن نفترض أنه كان تمنا ضئيلا أو أنه أرادة إخفائه أو تبديد حتى يتمكن الدائن من التنفيذ عليه بحقه للقول بأن هدا التصرف القانوني المفقر كان سببا في إعساره اوفي زيادة إعساره وهو شرط لازم وضروري في الدعوى البوليانية

ثانيا : الشروط المتعلقة بالمدين

إضافة إلى الشروط المتعلقة با الدائن فائه من ألازم توفر شروط في المدين لممارسة الدعوى البوليانية ويمكن إجمالها في ما يلي :

الشرط الأول: إعسار المدين

إن المراد بإعسار المدين هو افتقاره و المرتبط إ تباطأ عضويا بانعدام أي مكاسب أخرى كافية لسداد ما عليهم من ديون في ذمته لمصلحة دائنيه.

فا الإعسار في الدعوى البوليانية بوصفها دعوى ضمان عام شرط ضروريكما لا تتعارض مع القاعدة القاضية بأنه”لادعوى حيث لا مصلحة”وضمانا لمبدأ الحرية التعاقدية وحماية حقوق الغير المتعامل على سبيل المثال المتعامل على العقار عن حسن نية.

ويبقى الأشكال المطروح فيما يخص إثبات الإعسار فبعض التشريعات المقارنة من بينها التشريع التونسي والمصري نصت على أنه  يحب على الدائن إثبات عسر المدين ودلك من خلال إثبات (الدائن) أن في ذمة المدين من دين كم يمكن إثبات دلك بواسطة محضر عجز عن التنفيذ.

وفيما يخص التشريع المغربي أن إثبات العسر يخضع لمبدأ الإثبات الحر ويجوز إثباته بأية وسيلة من وسائل الإثبات

الشرط الثاني: أن يكون حق الدائن سابقاً على تصرف المدين

من بين الشروط الضرورية كذلك أن يكون حق الدائن سابقاً على تصرف المدين لأنه إدا كان تاليا  على تصرف مدينه، فإن الحق الذي تصرف فيه هدا الأخير لم يدخل في الضمان العام.

كما أنه يستحيل المدين عن قصد الإضرار بالدائن والحال أن المدين لم يصبح مدينا بما في الكلمة من معنى، حيت لم تحقق عندما تصرف المدين في حقه ما لم يثبت الغش في جانب المدين ، بحيث بثبوت الغش من جانبه لا تبقى ضرورة أسبقية حق الدائن على تصرف المدين في الوجود، على سبيل المثال لو باع مدين عقد قرض، تم يقترض وهو يعلم أن المقرض لن ينفد أبدا على عبارة لأنه سبق تفويته [11]

1 2الصفحة التالية
زر الذهاب إلى الأعلى