أزمة العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة و تحدي التأهيل و إعادة الإدماج،أي توجه؟

أزمة  العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة و تحدي التأهيل و إعادة الإدماج،أي توجه؟

أزمة  العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة و تحدي التأهيل و إعادة الإدماج،أي توجه؟

أزمة  العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة و تحدي التأهيل و إعادة الإدماج،أي توجه؟

سهام المنصوري طالبة باحثة بسلك الدكتوراه تخصص قانون جنائي -كلية السويسي-

مقدمة

عرفت العقوبة كرد فعل اجتماعي ضد الجريمة منذ القدم، إذ عرفتها سائر المجتمعات و صاحبتها في تطورها، و تزايد حجم الإعتماد على العقوبات خاصة السالبة للحرية كجزاء للعديد من الجرائم، و هي عقوبات اتسم تنفيذها بالقساوة لأن الهدف من إيقاعها لم يكن يتعدى الإنتقام من الجاني.

إذ أصبحت هذه العقوبات هي العلاج للعديد من الجرائم ،منذ نبذ العقوبات الجسدية في أوربا،إذ ألغت هذه الأخيرة، ثم بعدها معظم دول العالم العقوبات البدنية كالأشغال الشاقة و الضرب و البثر، ليمتد المجتمع الدولي مبادئ واضحة في هذا الصدد تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، و العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية و صكوك دولية أخرى.إذ أن الفكر الجنائي ظن أنذاك أن أنسب عقاب يمكن احلاله محل العقوبات البدنية هي العقوبات السالبة للحرية التي تسعى إلى تحقيق الصفة الردعية للمجرمين.

إلا أن السياسة الجنائية توجهت إلى تجاوز دورها في ردع المجرمين إلى محاولة منع الجرائم قبل وقوعها والتوجه إلى الدور الوقائي التهذيبي التأهيلي ثم العلاجي الذي يجب أن يتناسب مع شخصية المجرم الإنسانية[1].

ويقصد بتأهيل السجناء بصورة أولية إعدادهم لمواجهة الحياة العامة.و عرفه بعض الفقه الجنائي بأنه” خلق إرادة مشتركة لدى المحكوم عليه في الحياة الإجتماعية،على الوجه الذي تحدده القيم و التي تحكمها.و يرى جانب ٱخر من الفقه أن التأهيل هو تلك العملية المتعددة الجوانب و النشاطات التي ترمي إلى إحداث تغيير في سلوك السجين و تعزيز مؤهلاته و

قدراته و إدراكه لذاته و لدوره في المجتمع و تنمية ثقته في نفسه و إعتماد مفاهيم سلوكية جديدة عوض تلك التي قادته إلى الإجرام[2] .

 و التأهيل الملائم هو أن يكون تنفيذ الجزاء الجنائي بطريقة تتوافر فيها وسائل التهذيب و الإصلاح حتى يمكنه بعد مغادرة المؤسسة العقابية أن يكون أهلا للتكيف مع المجتمع و ألا يعود للإجرام مستقبلا، فالتأهيل بهذا الوصف نوع من أنواع الردع الخاص إلا أنه يخلو من عنصر الألم و يغلب عليه عنصر المساعدة على سلوك الطريق السوي في المستقبل.

أما الإدماج فهو مفهوم حديث و يقصد به مجموعة من الإجراءات و الممارسات التي تزيد من فرص الفرد للمشاركة في الحياة الإجتماعية و الثقافية و الإقتصادية[3].

إلا أن هذين الهدفين بات من الصعب تحقيقها في ظل تفشي العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة بالمجتمعات، إذ أصبحت تحتل القمة ضمن سلم العقوبات،و يعول عليها لعلاج الظاهرة الإجرامية.

كل هذا يجعلنا نطرح إشكالية مفادها إلى أي حد استطاع المشرع المغربي مجابهة أزمة العقوبات السالبة للحرية لتحقيق هاجس تأهيل الجناة و إعادة إدماجهم؟

للاجابة عن هذه الإشكالية التي يطرحها موضوعنا اقترحنا التصميم التالي:

المبحث الأول:المعوقات الأساسية لتحقيق هدفي التأهيل و إعادة الإدماج خلال مرحلتي تنفيذ العقوبة و ما بعد الإفراج

المبحث الثاني: العقوبات البديلة كحل لأزمة العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة و سبيل لتكريس هدفي التأهيل و إعادة الإدماج

المبحث الأول:المعوقات الأساسية لتحقيق هدفي التأهيل و إعادة الإدماج خلال مرحلتي تنفيذ العقوبة و ما بعد الإفراج

المطلب الأول :إستفحال آفة إكتظاظ السجون و مراكز الإصلاح و التهذيب و تأثيرها على هدفي التأهيل و إعادة الإدماج

معضلة التضخم في ساكنة السجون أصبحت ظاهرة عالمية حتى أصبح ينظر إليها من المكونات الواقعية للعقوبة السالبة للحرية.

ويقصد باكتظاظ السجون بصورة أولية عدم التطابق المادي بين عدد السجناء و عدد الأماكن في السجون كما يمكن تعريفه بأنه احتواء المؤسسة السجنية على عدد كبير من النزلاء بشكل يفوق الطاقة الإيوائية الحقيقية[4]. فظاهرة الإكتظاظ أولى الإشكاليات التي تعاني منها الممؤسسات السجنية و من خلالها يمكن الإعتماد عليها كمؤسسة لملامسة تأزم القضاء السجني، ووضع المسؤولين أمام واقع المساءلة حول ما إذا كان مشكل الإكتظاظ يعود إلى تنامي ظاهرة الإجرام أم إلى عجز الوزارة عن بناء سجون كافية لإيواء المعتقلين

أم إلى عدم ترشيد الإعتقال و استصدار أحكام قضائية تتناسب و خطورة الفعل الإجرامي و شخصية الجاني .[5]

إن تشخيص واقع السجون بالمغرب رهين بوضع مؤشرات لتقييم واقع الإكتظاظ الذي أصبح محل جدل حقوقي و قانوني. و هو الأمر الذي حذر منه تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حينما و صف وضعية السجناء و السجينات في المملكة بالمتأزمة و الخطيرة، معتبرا أن معالجتها مسؤولية مشتركة بين مختلف المهتمين و الفاعلين[6].

إلا أن معضلة إكتظاظ السجون ترجع بالأساس إلى سببين رئيسيين ألا و هما العقوبات السالبة للحرية  لكون أغلب التشريعات تعتمد على قاعدة “لا عقوبة إلا بالحبس”.

ويرجع تفشي هذه  ظاهرة أيضا إلى إرتفاع عدد المعتقلين الإحتياطيين[7] الذي أصبح يشكل تهديدا خطيرا و ملموسا على مسار الإصلاح المنشود ، و السبب بما لا يدع الشك إلى الإعتقاد الجازم أنه إذا تم الإعتقال تتحقق العدالة[8] .

العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة بالنظر إلى التطبيقات الكثيرة لهذه العقوبة ، و التي يعود فيها التضخم التشريعي في مجال القوانين العقابية بالإضافة إلى النصوص التي تنص علىيها [9]، كل ذلك ساهم في  زيادة عدد الأحكام المنطوق بعقوبة الحبس قصيرة المدة.هذه الظاهرة تجعل من تطبيق مقاييس الرقابة و التنظيم أمرا مستحيلا سواء من ناحية تطبيق برامج التأهيل بسبب الضغط الذي تعاني منه هذه المؤسسات[10]، مما يؤدي إلى فشلها و ضعف فعاليتها…بل يمكن القول إن مشكل الإكتظاظ يأتي في مقدمة العوائق التي تحول دون نجاح سياسة إعادة الإدماج .إذ على مستوى الشغل يحول الإكتظاظ دون التشغيل الكافي للسجناء.ذلك أن الواقع العملي يثبت أن عددا كبيرا من المحكوم عليهم يوجدون خارج دائرة الإستفادة من الشغل،فكلما ارتفع عدد السجناء استعصى على المؤسسات السجنية القيام بدورها في هذا المجال[11].

أيضا مراكز الإصلاح و التهذيب هي الأخرى تعاني من إشكالية الإكتظاظ[12] و إن كان المشرع المغربي قد إرتأى إمكانية علاج جنوح الأحداث وذلك  بتوقيع بعض العقوبات السالبة للحرية في حقهم،فإن عائق الإكتظاظ يقف عقبة أمام فلسفة إعادة الإدماج في هذه المراكز خاصة و أن عدد نزلاء هذه الإصلاحية و المؤسسات السجنية يتجاوز بعدد كبير الطاقة الإستيعابية المقررة لها، ويتضح ذلك من خلال عدد الأحداث المودعين بهذه المؤسسات .حيث أن مشكل الإكتظاظ يعتبر من أهم العوائق التي تعرض العاملين بها و المستفيدين على السواء[13].

و من الٱثار السلبية لظاهرة الإكتظاظ فشل عملية التصنيف،حيث تتطلب هذه الأخيرة توفير إمكانيات منها مكان فسيح لإقامة النزلاء في مجموعات متجانسة اجتماعيا و اقتصاديا و تعليميا، مع إختيار برامج تأهيلية تتماشى مع خصوصيات كل مجموعة. أما الإكتظاظ، فيعتبر سببا مباشرا يحول بين الإرادة العقابية و بين أي جهد يمكن بذله في سبيل إصلاح و تأهيل السجناء لأن القيام بهذا الدور على الوجه الأكمل يتطلب وجود عدد محدود من السجناء لا يتجاوز الطاقة الإستيعابية لكل مركز، يسمح بتنفيذ و إعداد برامج بناءة و أنشطة متعددة تؤدي إلى إعادة الإندماج في المجتمع.[14]

المطلب الثاني :السجل العدلي كعقبة نحو الإندماج  خلال مرحلة ما بعد تنفيذ العقوبة

على الرغم من التطور الذي عرفته العقوبة في وظائفها و الأهداف و المتوخاة منها و التي تسعى إلى إعادة التأهيل و إصلاح السلوك غير السوي من خلال مختلف البرامج المعدة

لهذا الغرض .فإننا نجد العديد من العراقيل التي تقف أمام مؤسسة رد الإعتبار التي تعتبر حلقة مهمة في سياسة الإصلاح و التأهيل و الإدماج للمفرج عنهم،و يعتير السجل العدلي في مقدمة العراقيل، حيث تسجل جميع الأحكام الصادرة في حق المدان سواء أكانت عقوبات سالبة للحرية أو تدابير وقائية أو عقوبات موقوفة التنفيذ، وذلك لضبط السوابق القضائية التي تأخذها السلطة القضائية بعين الإعتبار في حالة العود و كذا ظروف التشديد.

سعت مختلف التشريعات إلى إحداث مؤسسة السجل العدلي ضمن مقتضيات القوانين الإجرائية،تستعمل على الخصوص لتطبيق العقوبات في حالة العود و لإلغاء إيقاف التنفيذ و كذا تمكين مختلف الإدارات من منع المجرمين من ولوج الوظائف العمومية و الإنخراط في القوات المسلحة الملكية[15]، و المشرع المغربي إبتدع هذه الٱلية من أجل القيام بوظيفة دقيقة و محددة الأهداف تتمثل في خدمة المؤسسات القضائية لإطلاعها على السوابق الجنائية للمحكوم عليهم تقدير درجة خطورتهم و احترافهم للإجرام، و ذلك صيانة للمجتمع و الدولة على حد سواء.

و قد حرص المشرع المغربي على تنظيم مؤسسة السجل العدلي[16] بطريقة تتلاءم و الوظيفة التي أرادها من خلال البطائق الثلاث حتى تكون واضحة سواء في طريقة ترتيبها أو تحريرها و الإطلاع عليها.

هذه المؤسسة تصحبها معيقات تواجه نجاح مؤسسة رد الإعتبار،حيث إنه على الرغم من تلك الأحكام التي تحدد إطارها القانوني،فإنها جاءت مشمولة بالعديد من النقائص و العيوب

التي جعلتها غير قادرة على القيام بمهامها بالصورة المرجوة منها بالإضافة إلى التدهور والتخلف الذي بدأت تعاني منه سبب قصورها في الإستجابة لكل الأدوار المنتظرة منها، و كذلك الدور الإقصائي الذي تمارسه من خلال الحرمان من بعض الحقوق الأساسية[17].حيث أن السجل العدلي هو أداة لكشف و إفشاء كل السوابق القضائية للأفراد، و قد حاولت بعض الدول التقليل من هذا الإنتقاذ من خلال الإعتراف للمحكوم عليه فقط بحق الإطلاع على سوابقه، و الحصول على نسخ السجل العدلي دون غيره[18] لكن هذا الإجراء لم يحقق الهدف المتوخى منه، والسب أن البطاقة رقم (1) التي يتم تبادلها بين المؤسسات العمومية السلطة القضائية تتضمن جميع الأحكام[19] و التي لا يتم محوها أبدا، و تبقى عائقا حقيقيا في الإستفادة من العمل حتى و لو رد الإعتبار للمدان.

فالدولة لها هاجس حماية المجتمع من الخطر الذي قد يمثله المحكوم عليه على مصالحها، تفرض عدة شروط لولوج الوظيفة العمومية، و كذا بعض المهن الحرة، وعليه فالمدان الذي رد اعتباره لن يستطيع لن يستطيع الحصول على أي منصب شغل في إحدى الإدارات العمومية أو المهن الحرة طالما هو مطالب بالإدلاء بسجله العدلي أثناء الترشح لأي منصب

شغل ،إن هذه السياسة تفسر بوضوح مدى تمسك الدولة بمصالحها و عدم اهتمامها بمصير المحكوم عليه و بمستقبله، و تمارس الدولة هذه الرقابة من خلال منح الصلاحية لمصالحها العمومية،بحق الإطلاع على البطاقة رقم(2) خاصة و أن هذه البطاقة تستمر في احتواء كافة السوابق القضائية حتى تلك التي تم محوها 

خاصة و أن هذه البطاقة تستمر في إحتواء كافة السوابق القضائية حتى تلك التي تم محوها بواسطة رد الإعتبار، و تجاوزا لهذا الموقف السلبي تخلت بعض الدول عن هذه السياسة في مجال السجل العدلي حيث فكرت أكثر في إعادة التأهيل و إعادة الإدماج عن طريق الإعتراف للمحكوم عليه بالحق في استعادة كافة حقوقه بعد مغادرته للسجن و تنفيذ العقوبة مثل النرويج و السويد و بعض الولايات في امريكا[20].

هناك من يرى أنه يتوجب الإعتراف للقاضي الجنائي بسلطة تقديرية في تحديد الأحكام القابلة للتسجيل في السجل العدلي استثناءا لطبيعة المجرم و الجريمة المرتكبة و مدى خطورتها على المجتمع،هذا في الوقت الذي يرى فيه البعض ضرورة الإعتراف بمدير المؤسسة السجنية بصلاحيات وفق السوابق القضائية في بطائق السجل العدلي كلما ثبت

تحسن سلوك المحكوم عليه خلال مرحلة التنفيذ العقاري،فهذه الطريقة تمثل أنجع السبل لكون مدير المؤسسة السجنية له دراية كافية و دقيقة، بسلوك المحكوم عليه أكثر من القاضي الذي لم يعترف على المجرم إلا من خلال مرحلة المحاكمة[21].

و من تم يصبح السجل العدلي بمثابة عقوبة جديدة قد تكون أكثر قساوة و أكثر خطورة من العقوبة المحكوم بها.لأن السجل العدلي يساهم في عملية تهميش المحكوم عليه سيتحول بذلك إلى أداة فعالة لمطاردته و التربص به الشيء الذي يجعله أداة لعرقلة جهود و مساعي إعادة التأهيل عن طريق إفشاء السوابق الجنائية.ويعتبر الوصم الذي يتعرض له الشخص من أبرز مظاهر التهميش و تتحقق عملية الوصم عندنا يرتكب الشخص جريمة ما فيتخذ موقف ضده من طرف مكونات الوسط العائلي أو المهني أو الشرطة أو السلطة القضائية مرورا بالمؤسسة العقابية.إذا كان السجل العدلي لا يمثل أدنى خطورة و لا أية صعوبة نحو إعادة التأهيل بالنسبة لفئة معينة من المحكوم عليهم الذين لا يرجى صالح حالتهم، فإنه لا يجب الإعتقاد أن نفس الحالة تنطبق على غيرهم من المحكومين خاصة بالنسبة لفئة الأحداث الذين يكونون أوفر حظا من الإستفادة من برامج إعادة التأهيل و أكثر إستعداد للإدماج وسط المجتمع.

المشرع المغربي من خلال قانون المسطرة الجنالية أوجب تسجيل الأحكام الصادرة عن الهيئات المختصة بالأحداث في سجل يمسكه كاتب الضبط و لا يكون في متناول

العموم[22].تكريسا لمبدأ السرية يحتوي هذا السجل العدلي على مقررات الحماية و التهذيب المتخذة في حق الأحداث[23].

لكن الملاحظ أن هذه المقتضيات الخاصة بتنفيذ الأحكام الصادرة بعقوبة سالبة للحرية في حق الأحداث، حيث إكتفت بالإحالة إلى المادة السالفة الذكر فيما يتعلق بالمقررات المتخذة

في حق الأحداث و التي  يتعين وضعها في البطاقة رقم (1)، هذه الأخيرة تعتبر الدعامة الأساسية للسجل العدلي لأنها تستقبل أنواعا معينة من الأحكام و القرارات قام المشرع

بتحديدها على وجه الحصر [24]وهو ما سيدفعنا للقول بأن العقوبة المتخذة في حق الحدث تسجل وفق المقتضيات العامة للسجل العدلي لتكون موضوع البطاقة رقم(1) التي يحررها كاتب الضبط بالمحكمة التي تبت في القضية داخل أجل 15 يوما من صيرورة الحكم نهائيا في حالة صدوره حضوريا أو 15 يوم من تبليغ المقرر الصادر غيابيا، و ينطبق الأجل من صدور المقرر بالعقوبة على مسطرة غيابية، و يشهد وكيل الملك بصحة هذه البطائق بعد

التأكد من محتواها[25] لأن إدارة السجل العدلي تكون تحت سلطته حسب المادة 655 من قانون المسطرة الجنائية.

و بهذا يكون المشرع المغربي قد حرم للحدث المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية من مجموعة من الضمانات، فهو لا يستفيد من صبغة السرية التي خولها المشرع لهذه الفئة، على غرار ما هو مقرر في إتخاذ تدابير الحماية و التهذيب، إذا أن هذه الأخيرة لا يشار

إليها إلا في البطاقة رقم (2) التي تسلم فقط للقضاة و للمصلحة المكلفة بالحرية المحروسة دون باقي المصالح.فالحدث يجد نفسه أمام العلانية التي يمارسها السجل العدلي باعتباره ذاكرة تحتفظ إلى الأبد بكل السوابق الجنائية،ووسيلة للتذكير بها من خلال مؤسسات الدولة ممثلة في الجهاز القضائي و جهاز الشرطة، و هو ما يتنافى مع تطور الهدف من العقوبة وصلته بالسياسة الجنائية الحديثة.

و إذا كان المشرع المغربي قد تدارك هذا القصور من خلال إعطاء قاضي الأحداث إمكانية الأمر بإلغاء البطاقة رقم (1) التي تتضمن التدبير المتخذ بعد إنصرام أجل 3 سنوات إبتداءا

من يوم إنتهاء مدة تدبير الحماية و التهذيب، وبعد التأكد من حسن سيرة الحدث[26] إما  تلقائيا أو بناءا على طلب النيابة العامة أو من الحدث أو من ممثله القانوني أو الوصي عليه أو كافله أو الشخص أو المؤسسة المكلفة برعايته .و تأكيدا على حق الحدث في إلغاء محتويات هذه البطاقة، أجازت نفس المادة إمكانية الطعن بالإستئناف في مقرر القاضي برفض الطلب،يتم صدور الأمر بالإلغاء و تلف البطاقة رقم 1 المتعلقة بالتدبير و نفس التوجه كرسته المادة 663 من نفس القانون.

في هذا الإطار يثار تساؤل حول مدى استفادة الحدث المحكوم عليه بعقوبة سالبة الحرية من هذه المقتضيات، و من تم اعتبار العقوبة و التدبير من طبيعة واحدة فيما يتعلق بالأحداث، خاصة و أن هذه الأخيرة تطبق بشكل إستثنائي، إن المشرع لم يتناول هذه النقطة لكن الممارسة العملية لتسجيل الأحكام الصادرة في حق الأحداث تسير في اتجاه إخضاعه للمقتضيات العامة، حيث لا يبقى أمامه سوى صدور عفو شامل يمحو العقوبة المضمنة في البطاقة.

المشرع المغربي لا بد أن يتدارك هذه الهفوات لما فيه صالح الحدث من خلال إعادة صياغة فصول السجل العدلي الخاص بالأحداث لتحقيق الهدف المرجو ألا و هو تأهيل

الحدث و إعادة إدماجه داخل المجتمع خاصة أن هذه الفئة تحتاج إلى إدماج أكثر من الفئات الأخرى لأنها هي المستقبل.

1 2الصفحة التالية
زر الذهاب إلى الأعلى